(وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب)
اتفاق تقاسم السلطة بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والانفصاليين الجنوبيين، ما زال حبرا على ورق بعد أكثر من شهرين من توقيعه في الرياض، ما يثير مخاوف من إعادة اندلاع القتال بين الجانبين، بحسب محللين.
وتدور الحرب في اليمن بشكل رئيسي بين المتمردين الحوثيين المقرّبين من إيران، وقوات موالية للحكومة المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية والإمارات، منذ أن سيطر الحوثيون على مناطق واسعة في البلاد قبل أكثر من خمس سنوات.
لكن ثمة خلافات عميقة في المعسكر المعادي للحوثيين. فالقوات التي يفترض أنّها موالية للحكومة في الجنوب الذي تتخذ الحكومة المعترف بها منه مقرّا، تضم فصائل مؤيدة للانفصال عن الشمال. وكان الجنوب دولة مستقلة قبل وحدة اليمن سنة 1990.
وشهد جنوب اليمن في آب/أغسطس معارك بين قوّات مؤيّدة للانفصال وأخرى موالية للسلطة أسفرت عن سيطرة الانفصاليين على مناطق عدّة أهمها عدن، العاصمة الموقتة للسلطة المعترف بها منذ سيطرة المتمردين الحوثيين على صنعاء في أيلول/سبتمبر 2014.
ورعت السعودية اتّفاقا لتقاسم السلطة بين الطرفين لتجنّب “حرب أهلية داخل حرب أهلية”، وقّعته الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي، السلطة السياسية الأقوى في جنوب اليمن، في الرياض في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
ولم يتم تطبيق أي من بنود الاتفاق سوى عودة رئيس الحكومة معين عبد الملك سعيد إلى عدن. وانتهت في الخامس من كانون الثاني/يناير الماضي المهلة المحددة لدمج الجماعات المسلحة في الجنوب في إطار وزارة الداخلية اليمنية.
ولم يقم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بتعيين محافظ جديد في عدن أو مدير جديد للأمن.
ونصّ الاتفاق على تولي القوة الانفصالية الرئيسية عددا من الوزارات في الحكومة اليمنية.
لكنّ التحالف العسكري الذي تقوده السعودية أعلن مساء الثلاثاء “بدء تطبيق المرحلة الثانية من اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي”، حسب ما نقلت محطة الإخبارية الحكومية.
وأوضح التحالف أنه أشرف على إطلاق سراح 38 محتجزا نتيجة احداث عدن.
وأشار التحالف إلى أن إطلاق المحتجزين يؤكد حرص الأطراف اليمنية على تنفيذ اتفاق الرياض.
ويرى الباحث الزائر في معهد “تشاتام هاوس” فارع المسلمي أن “الاتفاق كان لديه جدول زمني طموح للغاية”.
– “مشكلة” جديدة –
رأت الباحثة في شؤون اليمن في جامعة أوكسفورد إليزابيث كيندال، أن انعدام الثقة بين الحكومة والانفصاليين هو ما يمنع الجانبين من تطبيق الاتفاق.
وأكدت لوكالة فرانس برس “يبدو أن الجانبين دخلا الاتفاق على مضض بناء على طلب من رعاتهما” في إشارة إلى السعودية التي تدعم الحكومة والإمارات التي قامت بتدريب المجلس الانتقالي الجنوبي.
وقالت كيندال “هناك تحديات كبرى غير ذلك، بما في ذلك الانعدام التام للثقة بين الطرفين والمواعيد النهائية المستحيلة والتفسيرات المتضاربة”.
وعلى الرغم من تكرار الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي مرارا التزامهما بالاتفاق، يحذر محللون من إمكانية اندلاع القتال مرة اخرى في جنوب اليمن.
وقال المسلمي لوكالة فرانس برس إن “الاتفاق تحول إلى مشكلة يبحث الجميع عن الخروج منها”.
وبحسب المسلمي فإن المجلس الانتقالي “يقوم حاليا بتقوية سلطته على الأرض”.
ويؤكد بيتر سالزبري الخبير في الشؤون اليمنية في مجموعة الأزمات الدولية أنه مع مرور الوقت “كلما طالت المدة، ستتراجع ثقة الناس في الاتفاقية”.
وحذر سالزبري من “الخطر القائم حاليا من أن يؤدي حدث ما إلى تجدد الصراع بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي”.
وخلال اجتماع في عدن الإثنين، جدد رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي التزام المجلس باتفاق الرياض.
– أمل ضئيل –
حذرت كيندال من أن الأمن والاستقرار في جنوب اليمن يبقى أمرا “خطرا”، مشيرة إلى المواجهات المستمرة في مناطق اخرى في الجنوب مثل شبوة وأبين بين جهات مختلفة.
وقالت كيندال إنه “لم يتبق الكثير من الأمل” في جنوب اليمن.
ومن جانبه، رأى المسلمي أنه يتوجب بذل المزيد من الجهود دبلوماسيا من اجل انقاذ الاتفاق في اليمن.
وتسبّب النزاع على السلطة في اليمن بمقتل عشرات آلاف الأشخاص، بينهم عدد كبير من المدنيين، بحسب منظمات إنسانية، خصوصا منذ بدء عمليات التحالف ضد المتمردين لوقف تقدّمهم في اليمن المجاور المملكة في آذار/مارس 2015.
وإضافة إلى الضحايا، لا يزال هناك 3,3 ملايين نازح، فيما يحتاج 24,1 مليون شخص، أي أكثر من ثلثي السكان، الى مساعدة، بحسب الأمم المتحدة التي تصف الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها الأسوأ في العالم حاليا.