نهلة الشهال
أصحابها هم ماجد وفارع ونبيل وعبده ورضية وسارة ووميض وبشرى… وعشرات سواهم ممن نعرفهم بشكل مباشر وخبرْنا أفكارهم ومواقفهم على صفحات ملحقنا، وغيرهم كثر بالتأكيد، الذين لولاهم لمات الناس غماً أو لأكلوا بعضهم بعضاً، ضيقاً بالظلم ويأساً من الظروف القاتلة. وهم يدْعون إلى انتهاء القتال الأهلي المدعوم إقليمياً بشدة، والمحاط دولياً بعدم الاكتراث.. بشرط ألا يفيض عن حدود معينة (هي البلاد بأهلها وعمرانها الذين يمكنهم الذهاب إلى الجحيم) إلى تهديد ما هو “استراتيجي”!
“محايدون”، قيل فيهم. عمّن وعن ماذا؟ النعت الذي أطلق بقصد إدانتهم أو تحقيرهم يحمل فعلياً معاني تشي بطبيعة مُطْلِقيه: يدافعون عن الاستقطاب القائم، كلٌ عن معسكره. وعلى الرغم من أنهم يعرفون تماماً أن هذه الحرب الأهلية ــ كما سواها هنا وفي كل مكان ــ ستنتهي إلى تسوية بين المتحاربين، تكون سعيدة أو موفقة إلى هذا الحد أو ذاك، إلا أنهم يتصرفون كمالكين للحق المطلق في الغلبة. بل ينتظرون تأييد الناس لحقهم هذا، وكذلك يعتبرون أنفسهم مالكين للحقيقة المطلقة، فيقول قيادي في “أنصار الله” تبريراً لتوقيف الباحث اللامع ماجد المذحجي منذ أيام: “تلقينا بلاغات تشير إلى قيامه بتزويد منظمات ووسائل إعلام خارجية بمعلومات مغلوطة عن الشأن اليمني، فتمت مواجهته بذلك”. يا سلام! هي الحجة التي لطالما استخدمتها الأنظمة المستبدة وما زالت. فإن عجزت عن غسل الأدمغة وعن الإلهاء أو الإفساد، تعمد إلى الإخافة والترهيب، وتنتهي بالاعتقال والإخفاء والقتل.
الصراع القائم في اليمن عقيم ولن يفضي لغير مزيد من الخراب. هذا ما يقوله هؤلاء، ويسعون لتعجيل يوم توقف الطائرات والمدافع عن نشر القتل والدمار ومعهما الجوع والتشرد. وهم يعتبرون أن درجة البؤس التي وصلت إليها الحياة السياسية في بلادهم، وإفلاس جميع الأطراف لسعيها إلى تحقيق مكاسب ذاتية تتعلق بالسلطة (والثروة) بلا اعتبار للأثمان، يفرضان الانتقال إلى وقف القتال ثم البحث في إعادة تعريف الإجماع الوطني وتأسيسه، والتوافق حوله. حتى يستعيد اليمن سعادته، وهو البلد العريق والجميل، بالغ الثراء في الإمكانات لولا أوغاده! وقد يُدهَش اليمنيون لو عرفوا كم تشبه حالهم وتجربتهم أحوال سواهم في المنطقة، وإنْ بتغيير في بعض العناصر والمعطيات… ولعل ذلك ينبئ بأن تبيّن ملامح ما بعد خرابنا الحالي قد آن أوانه!