لندن – “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً عن الهجمات التي تعرضت لها منشآت نفط سعودية حيوية، وقالت إن الغارات التي زعم المتمردون الحوثيون أنهم نفذوها ضد هذه المنشآت يوم السبت ضربت غالبية الناتج من النفط الخام مهددة بعرقلة الإمدادات النفطية العالمية.
كتب محققون في الأمم المتحدة أن الحوثيين حصلوا على طائرات مسيرة متقدمة قادرة على الوصول إلى مسافة 930 ميلاً، وهو ما يفتح المجال إلى أن منشأ الطائرات كان فعلاً من الأراضي اليمنية
وأضافت أن الهجمات أدت إلى تصعيد في التوتر في منطقة الخليج التي تشهد مواجهة بين الولايات المتحدة وإيران، في وقت لم يتم بعد التأكد من مكان إطلاق الصواريخ وكيف استطاع الحوثيون ضرب منشآت نفطية في العمق السعودي من على بعد 500 ميل من التراب اليمني. وسارع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الى تحميل إيران المسؤولية واصفاً ما حدث بأنه “هجوم غير مسبوق على إمدادات الطاقة العالمية” مؤكداً أن لا أدلة على انطلاق الهجمات من اليمن. ولكنه لم يحدد الموقع البديل عن اليمن فيما تجنب السعوديون توجيه إصبع الاتهام مباشرة لإيران.
وأكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مكالمة هاتفية مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حق السعودية في الدفاع عن نفسها والتزام الولايات المتحدة باستقرار إمدادات الأسواق النفطية العالمية. وتعلق الصحيفة على مزاعم الحوثيين أنهم أطلقوا 10 طائرات مسيرة بأنه أجرأ عملية يقومون بها ضد السعودية منذ تدخل الأخيرة في الحرب الأهلية اليمنية عام 2015. وترك التدخل السعودي آثاره على هذا البلد الفقير وأدى إلى أكبر كارثة إنسانية في العالم. وتضيف الصحيفة أن الحوثيين هم جزء من ميليشيات عدة موالية لإيران في المنطقة. ويشك المسؤولون السعوديون والأمريكيون بإرسال الإيرانيين الفنيين إلى اليمن لتدريب الحوثيين على استخدام الدرون والصواريخ.
“طائرات متقدمة”
وكتب المحققون التابعون للأمم المتحدة أن الحوثيين حصلوا على طائرات مسيرة متقدمة قادرة على الوصول إلى مسافة 930 ميلاً، وهو ما يفتح المجال إلى أن منشأ الطائرات كان فعلاً من الأراضي اليمنية. وتظل هناك إمكانية لانطلاقها من العراق أو حتى من داخل السعودية. خاصة أن الحرس الثوري الإيراني يقوم بتدريب الجماعات الوكيلة عن الجمهورية الإسلامية من لبنان إلى اليمن، ومن ضمن ذلك التدريب على حرب الطائرات المسيرة المتقدمة، وذلك حسب شخصين على معرفة بالأمر.
ماكنولي: الهجمات تكشف عن تعرض السعودية للخطر في حربها مع الحوثيين، وتكشف، أيضاً، عن الكيفية التي يمكن فيها شن هجمات رخيصة الكلفة تترك آثاراً عميقة
يقول أشخاص على معرفة بالبرامج الإيرانية، انتقل الحرس الثوري لتدريب الحوثيين لاستخدام تكنولوجيا الطائرات المسيرة بعد اعتراض الأنظمة الدفاعية السعودية الصواريخ الحوثية. واستهدف المتمردون اليمنيون البنى التحتية السعودية بصواريخ أقل دقة لم تتسبب إلا بأضرار قليلة. لكن استهداف منشآت تقوم بمعاملة 8.5 مليون برميل نفط في اليوم، أدى إلى تخفيض الإنتاج بـ 5.7 مليون برميل في اليوم.
وفي الوقت الذي لا يعرف فيه حجم الأضرار التي تركتها الهجمات، إلا أن إغلاق المحطات لعدة أيام سيترك أثره على سوق الإمدادات العالمية. وقال أشخاص على معرفة بالوضع السعودي إنهم سمعوا عن أضرار محدودة وتوقف لعدة أيام يمكن للسعودية تعويض النقص فيها.
ويقول روبرت ماكنولي، مدير شركة أبحاث النفط “رابيدان إنرجي غروب”: ” سترتفع أسعار النفط الخام ولكن السوق العالمي تجنب الكارثة”. وقالت وزارة الطاقة الأمريكية إن الولايات المتحدة مستعدة لو اقتضى الأمر استخدام المخزون الاحتياطي من أجل التعويض في النقص. وفي الوقت الذي تكشف فيه الهجمات عن تعرض السعودية للخطر في حربها مع الحوثيين، إلا أنها تظهر الكيفية التي يمكن فيها شن هجمات رخيصة الكلفة تترك آثاراً عميقة. ولا تتعدى كلفة بناء الطائرة الواحدة 15 ألف دولار أو أقل، وذلك حسب ويم زويجنبرغ من منظمة السلام الهولندية “باكس”.
وتضيف الهجمات التي تستخدم أساليب داوود وجالوت إلى حالة التقلب في الشرق الأوسط ولكن من خلال استخدام الطائرات المسيرة الرخيصة. فهذه الهجمات لا تقوم بضرب البنى التحتية الاقتصادية فقط بل تزيد كلفة الأمن وتعرقل أسواق النفط وتنشر الخوف. ورغم عدم توفر المصادر المالية الكبيرة للحوثيين، إلا أن الطائرات المسيرة تعطيهم طريقة للإضرار بالسعودية التي تعتبر ثالث دولة في العالم إنفاقاً على الأسلحة والدفاع في عام 2018 حيث استثمرت 67.8 مليار دولار. ويقول فارع المسلمي من مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية: “لقد وضع هذا السعوديين أمام تحد لا يمكنهم مواجهته مهما كانت قدراتهم المالية والعسكرية والاستخباراتية”. وضربت الغارات الأخيرة في العمق السعودي حيث شوهد الدخان من أماكن بعيدة.
“تفوق حوثي”
وظهرت أول إشارات عن استخدام الحوثيين الطائرات المسيرة في العام الماضي، وتحسنت قدراتهم منذ ذلك الوقت. ويقول زويجنبرغ الباحث في باكس إن الطائرات المسيرة منحت الحوثيين تفوقاً لأنه من السهل إنتاجها ومن الصعب اعتراضها وتستطيع إحداث دمار وتعطيل أكبر من الثمن الذي يدفعونه في إنتاجها. ولا يعرف حجم القدرات التي يملكها الحوثيون إلا أن قدراتهم تطورت مع مرور الوقت. وقال إن نجاح الحوثيين ضد السعودية قد ينعكس بالإيجاب على الجماعات الأخرى الموالية لإيران في سوريا والعراق ولبنان.
وتقول هيلما كروفت من “أر بي سي كابيتال ماركتس” إن الهجوم على إبقيق مثير للقلق: “هذه ضربة ذهبية على البنية التحتية السعودية، وطالما خشينا من تعرض ابقيق لهجمات”.
وقال آمي مايرز، من مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي إن الهجوم “ذكي واختار الهدف الأقصى للتأثير والدمار”. وترى شركة رابيدان إنرجي غروب أن منشآت إبقيق هي الأهم في العالم. وقال ماكنولي من المجموعة إن هجوماً ناجحاً على إبقيق هو أسوأ ما يتوقعه المخططون للطاقة.