قام بكتابة هذا المقال فارع المسلمي، وأمل ناصر، ومنصور راجح
قرار الحكومة اليمنية في سبتمبر الماضي بنقل البنك المركزي وتغيير محافِظه، ترك البلاد بلا مؤسسة قادرة على توفير أبسط مقومات الاستقرار الاقتصادي. وإذا حاولت الأطراف المتحاربة تعزيز موقفها في الصراع عبر أدوات ومعارك اقتصادية، فإن شل قدرة البنك المركزي اليمني يمثل تصعيدا غير مسبوق في اليمن وعلى المجتمع الدولي التحرك لضمان عدم تجويع ملايين اليمنيين كتكتيك حربي.
في يوليو من هذا العام قامت الأمم المتحدة برفع درجة الأزمة الإنسانية في اليمن إلى المستوى الثالث – وهو أعلى مستوى لدى الأمم المتحدة – واضعة اليمن في نفس الفئة من الأزمة مع سوريا، العراق، وجنوب السودان. وفي أكتوبر المنصرم وصل عدد الأطفال الواقعين تحت سوء التغذية الحاد إلى حوالي الـ 370 ألف طفل يمني. وبلغ عدد المحتاجين لمساعدة إنسانية بمعدل أربعة من كل خمسة أشخاص في عموم اليمن ذي الـ 26 مليون نسمة، وتصل درجة الحاجة لهذه المساعدات الإنسانية إلى درجة “إنقاذ حياة” لحوالي نصف سكان البلاد.
حتى فترة قريبة، كان البنك المركزي أحد المؤسسات الحكومية القليلة التي عملت بشكل فعال على المستوى الوطني خلال السنوات الخمس الماضية التي شكلت فترة من الاضطراب السياسي والنزاعات المسلحة. وحتى مع تراجع نفوذ الحكومة المركزية، واصل البنك تقديم خدماته المالية بالتنسيق مع المجالس المحلية لتسهيل عملية تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين. كما قام البنك ايضا بصرف رواتب 1.2 مليون يمني في الخدمة العامة، إضافة إلى حماية قيمة العملة المحلية وضمان حصول المستوردين على العملات الأجنبية لشراء السلع الأساسية. كل ذلك تم مع استمرار البنك في دفع استحقاقات الديون الخارجية والحفاظ على ثقة المؤسسات المالية العالمية.
عبر تلك الخطوات حافظ البنك على أساسيات الاستقرار الاقتصادي وحال دون ازدياد سوء واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. اعتمدت تلك التدخلات الاقتصادية للبنك بالدرجة الأولى على: 1) أن لدى البنك المركزي قدرة على توفير عملات أجنبية من احتياطية في الخارج لتمويل العمليات 2) الاتفاق الضمني بين الأطراف المتحاربة على احترام استقلالية البنك وعدم التدخل في عملياته.
منذ الإعلان عن عجز البنك المركزي، هناك تدهور ملحوظ للوضع الإنساني للبلاد. إنه لمن الضروري للأطراف المنخرطة في الحرب، بالإضافة إلى الأطراف المعنية بالأمر سواء كانت محلية، إقليمية، أو دولية، أن تقوم بتنسيق الجهود لدعم البنك المركزي حتى يتمكن من استئناف مهامه في أقرب فرصة، وبغض النظر عن موقعه الجغرافي.
هنالك بالأخص حاجة ملحة وعاجلة لدفع رواتب موظفي الدولة الذين لم يتسلم أغلبهم رواتبهم منذ شهر أغسطس المنصرم. وبما أن هؤلاء الموظفين يقومون بإعالة حوالي الستة ملايين يمني، فما زال هؤلاء أيضاً بلا أي دخل مادي منذ شهرين. كما أن استئناف تمويل الاستيراد مهم جدا لضمان إمدادات الغذاء. يقدر مستوردو القمح في اليمن بأنه مالم يتم استئناف تمويل واردات الحبوب فإن مخزون البلاد من القمح سينفذ خلال شهرين.
الدور المحوري للبنك المركزي
إن البنك المركزي اليمني هو المؤسسة الحكومية الوحيدة – بالإضافة إلى وزارة الصحة – التي واصلت العمل بشكل فعال على مستوى الجمهورية خلال سنوات الاضطرابات السياسية والنزاعات المسلحة طيلة الخمسة الأعوام الماضية. ومنذ لجوء الرئيس عبدربه منصور هادي إلى الرياض في المملكة العربية السعودية في مارس 2015، أصبح البنك المركزي هو المسؤول عن تحديد سياسات الاقتصاد الكلي. آخر موازنة عامة تم إقرارها في اليمن كانت في العام 2014 ونظرا لعدم انعقاد البرلمان للمصادقة على موازنة جديدة من يومها، قام البنك المركزي باعتماد موازنة عام 2014 للعامين 2015 و (1)2016.
كما كان البنك المركزي أيضا أكبر ممولي العجز الحكومي في السنوات الماضية. حققت الحكومة اليمنية في الفترة الواقعة بين 2009 و 2013 عجزاً مستمراً تراوح بين الـ 4.6٪ و 8.3٪ من إجمالي الناتج القومي للبلاد. تم سداد هذا العجز عبر سلسلة من القروض الخارجية والمنح، ومجموعة من السندات المحلية وقروض من البنك المركزي. أوصلت السلسلة الأخيرة من القروض مديونية الحكومة للبنك المركزي إلى 3.5 مليار دولار بنهاية العام 2014، أي ما يبلغ 10٪ من الناتج القومي الإجمالي لنفس السنة(2).
الاستمرار في تقديم الخدمات العامة
قام البنك المركزي بمواصلة تقديم الخدمات الأساسية في عموم البلاد عبر التنسيق المالي مع المجالس المحلية، في الوقت الذي تراجعت فيه سلطة الحكومة المركزية في أرجاء البلاد منذ العام 2011. عقب الانتفاضة الشعبية في العام 2011 وما تلاها من اضطرابات سياسية قامت مجموعات مسلحة في مناطق مختلفة من البلاد بمجابهة سلطة الحكومة المركزية و زعزعة من قدرتها على حكم مناطق عدة في البلاد. أدت الحرب الأهلية التي تلت ذلك إلى تصدعات أكبر في السلطة السياسية والحكم المركزي في اليمن.
لكن وبالرغم من ذلك استمر التنسيق المالي بين البنك المركزي والدوائر المحلية. قبل اندلاع الحرب كانت المجالس المحلية في المحافظات المختلفة تقوم بشكل دوري بجمع الضرائب والإيرادات نيابةَ عن الحكومة المركزية وتسلمها عبر فروع البنك المركزي. وبالمقابل، يقوم البنك المركزي بصرف الموارد للمجالس المحلية لتغطية الرواتب والخدمات العامة بما يتناسب مع الموازنة العامة(3). استمر هذا النظام حتى بعد بدء الحرب الأخيرة وانقسام البلاد بين القوى المتحاربة والتي يمثل الجزء الموالي للرئيس هادي – المدعوم من قبل دول التحالف بقيادة السعودية – أكبرها بينما يقع الجزء الثاني تحت جماعة الحوثي المتمردة بالتحالف مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وعلى سبيل المثال، وبعيد استعادة المقاتلين الموالين لحكومة هادي المعترف بها دوليا لمحافظة عدن، واصلت المجالس المحلية تقديم الإيرادات إلى فرع البنك المركزي في المحافظة(4). وحينما لم تكن الإيرادات كافية لتغطية تكاليف التشغيل، كان البنك المركزي الرئيسي في صنعاء يقوم بإرسال طائرات محملة بالنقود إلى فرع البنك في عدن لتغطية بقية موازنة المحافظة حتى والعاصمة صنعاء تحت سيطرة المتمردين الحوثيين وحلفائهم(5).
تجلّت أهمية الحفاظ على هذا النظام الوطني للقادة على طرفي الصراع في بداية العام 2016 عند قيام محافظ حضرموت – الواقعة في مناطق نفوذ قوات موالية لهادي – برفض توريد الإيرادات المحلية إلى البنك المركزي ليتم إجباره لاحقا على التراجع عن قراره هذا بأوامر من حكومة الرئيس هادي نفسه(6). كان الاستثناء الوحيد لهذا النظام التمويلي الوطني في محافظة مأرب، التي توقفت – وبموافقة الرئيس هادي – عن إرسال إيراداتها المحلية إلى البنك المركزي في صنعاء في العام 2015، مما أدى إلى رد البنك المركزي بإيقاف إعتمادات التكاليف التشغيلية للمحافظة المعتمدة لديه(7).
ومع تضاؤل إيرادات الدولة بسبب الحرب تم توجيه موارد البنك المركزي من السيولة النقدية في العام 2015 لتغطية النفقات التشغيلية كدفع رواتب أكثر من 1.2 مليون يمني ملتحقين بالخدمة العامة والذين يمثلون حوالي ربع القوى العاملة في البلاد(8). (من الجدير ذكره تفشي ظاهرة الموظفين الوهميين- بمعنى العمال الحكوميين الذين يحصلون على رواتب وهم في الحقيقة وهميين أو لا يذهبون إلى أعمالهم – لا توجد إحصاءات دقيقة بهذا الخصوص ولكن تفيد المعلومات المتواترة بأن عددهم يتجاوز عشرات الآلاف(9)).
دفع الرواتب للطرفين
تعتبر وزارة الدفاع أكبر مُشغِّل حكومي في اليمن مع وجود أكثر من 400 ألف يمني على قوائم رواتبها(10). ومع الحرب انقسم الجيش اليمني بين الأطراف المتصارعة، جهة مع الحوثيين وصالح وجهة مع الحكومة المعترف بها دوليا، التي اعتمدت بالدرجة الأولى على الضباط المحترفين لتشكيل قواتها العسكرية. استمر البنك المركزي في صرف رواتب جميع العاملين في وزارة الدفاع المسجلين في كشوفات رواتب العام 2014 وبذلك كان الجنود على جبهتي القتال يحصلون على رواتبهم من البنك المركزي(11).
استفاد الحوثيين – إلى حد ما – من الاتفاق بدرجة أكبر من الحكومة إذ كانوا قد قاموا بإضافة الآلاف من مقاتليهم إلى سجلات وزارة الدفاع بعد سيطرتهم المسلحة على العاصمة صنعاء والوزارات الحكومية في سبتمبر من العام 2014. بدأت الحكومة المعترف بها دوليا بتجنيد جنود بشكل مباشر في العام 2015. وكان تمويل رواتب هؤلاء الجنود يأتي من السعودية ودول خليجية أخرى تدعم حكومة هادي(12).
وبشكل مشابه استفادت جماعة الحوثي بدرجة أكبر من الحكومة المعترف بها دوليا من استمرار البنك المركزي لصرف رواتب القطاع العام وتمويل الوزارات المختلفة. ذلك أن جماعة الحوثي تسيطر على أكثر مناطق اليمن كثافة سكانية حيث يقطن غالبية موظفي القطاع العام و حيث تعمل غالبية الوزارات. سمح صرف رواتب موظفي الدولة في دعم النشاط الاقتصادي في تلك المناطق ولكنه أيضا سمح للحوثيين بفرض ضرائب أطلقوا عليها عليها اسم “المجهود الحربي” على رواتب الأفراد، بينما قامت الجماعة أيضا باستقطاع جزء من موازنة الوزارات لتمويل مجهودها الحربي(13).
الحفاظ على قيمة الريال
في يمن ما قبل الحرب كانت البلاد تستورد 90٪ من الغذاء، بما في ذلك القمح والأرز(14). ولذلك كان من الضروري للبنك المركزي -لمنع تفشي المجاعة في البلاد- العمل على حماية قيمة العملة المحلية وضمان حصول المستوردين على العملة الأجنبية لاستيراد السلع الأساسية.
فيما يتعلق بقيمة العملة، حافظ البنك المركزي اليمني بالتنسيق مع البنوك التجارية على سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار الأمريكي الواحد بقيمة 215 ريالا للدولار خلال الخمس سنوات الماضية كما قام بالتدخل في السوق للحد من استحداث سعر صرف موازٍ(15). تعددت الضغوط على الريال خلال هذا الوقت ابتداء من التراجع الاقتصادي العام وتوقف تصدير النفط والغاز وإجلاء الشركات الأجنبية والمنظمات الغير حكومية والمؤسسات الدولية لموظفيها وهروب رأس المال وصولا إلى ازدهار السوق السوداء حيث يبيع التجار الريالات لشراء الدولارات لتمويل استيراد الوقود وبضائع أخرى.
في ربيع العام 2015 قامت “توتال” -آخر شركة نفطية أجنبية في اليمن- بإيقاف عملياتها في البلاد وإجلاء موظفيها. وبعد أسابيع (في مارس 2015) بدأ تدخل التحالف العسكري بقيادة السعودية، وكنتيجة لذلك تم إيقاف إنتاج النفط والغاز كليا. ومنذ ذلك الوقت تسارع انهيار الاقتصاد اليمني. يُقدر البنك الدولي تقلص حجم الناتج المحلي الإجمالي ب 30٪ في ذلك العام بينما يقدر خبراء في البنك المركزي اليمني أن حجم التقلص أكبر من ذلك بكثير(16). أدى الحصار البري والجوي الخانق الذي يفرضه التحالف العربي على البلاد إلى منع تصدير النفط و تضييق الخناق على الاستيراد، كما خلق نقصا في كمية الوقود المتوفرة مما أدى إلى إعاقة حركة التنقل في البلاد.
في ظل ذلك، قام البنك المركزي بإنفاق حوالي المليار دولار خلال العام 2016 فقط للحفاظ على قيمة الريال اليمني(17). ومن العوامل التي ساعدت البنك المركزي على الحفاظ على قيمة الريال أيضاً انخفاض نشاط الاقتصاد العام في البلد مما أدى إلى تراجع الطلب على البضائع المستوردة (وبالأخص الوقود)، وبالتالي تراجع الطلب على الدولار الأمريكي.
وبحسب تقارير للبنك الدولي؛ بينما بلغ معدل التضخم في اليمن 30٪ في العام 2015، كانت السوق السوداء تحدد سعر صرف الريال مقابل الدولار بـ250 ريالا للدولار الواحد بفارق يبلغ 16٪ عن سعر البنك المركزي الرسمي(18).
وتؤكد الدلائل والروايات المختلفة بأن الريال اليمني لايزال العملة الأساسية المستخدمة في التعاملات اليومية في البلاد رغم بروز الدولار الأمريكي والريال السعودي كعملات بديلة “للحفاظ على القيمة”. ومع ذلك، قام البنك المركزي في مايو 2015 بتعديل سعر الصرف الرسمي إلى 2500 ريال مقابل الدولار الواحد لمواجهة الضغط المحلي المستمر على العملة المحلية و لشحة الموارد التي يمكن التدخل بها للحفاظ على قيمة العملة. بحلول الأسبوع الأول من أكتوبر في العام 2016، كان سعر صرف الدولار في السوق السوداء قد بلغ الـ 310 ريالا، بفارق 24٪ عن سعر الصرف الرسمي(19).
أزمة السيولة النقدية
اليمن بلد يعتمد بالدرجة الأولى على النقد المباشر (الكاش). في يوليو 2016 بدأ البنك المركزي بتوقع أزمة سيولة للعملة المحلية – بمعنى آخر توقع البنك ان احتياطيه من الأوراق النقدية (أو ما يعرف بـ البنكنوت) لن يكفيه لمواصلة عملياته الاعتيادية – منع الحصار المالي والبنكي المفروض على اليمن بنوك البلاد التجارية من التعامل مع المؤسسات المالية الخارجية، مما أدى إلى عزوف التجار والأغنياء اليمنيين عن إيداع أموالهم في البنوك(20). وكنتيجة لذلك تم سحب كميات كبيرة من السيولة النقدية خارج الدورة المصرفية وتم إيداعها بأشكال خاصة خارج البنوك أو تم تداولها في السوق السوداء. ولم يستطع البنك المركزي طباعة المزيد من الأوراق النقدية نظراً لعدم سماح الحكومة المعترف بها دوليا له بالطباعة، ذلك أن المطابع التي يتعامل معها البنك المركزي ليست داخل اليمن بل في دولة روسيا الاتحادية(21).
في الفترة ما بين يناير ومايو 2016، تم سحب 160 مليار ريال يمني من الدورة المصرفية في اليمن. وفي شهر يونيو فقط تم سحب 140 مليار ريال إضافية. بدون تلك الريالات لم يكن بمقدور البنوك التجارية إيداع أية مبالغ لدى البنك المركزي، وبحلول شهر أغسطس بدأ مخزون البنك المركزي من الأوراق النقدية – التي يحتاجها لتغطية رواتب موظفي القطاع العام – بالنضوب. وكحل لهذه المشكلة، حاول البنك المركزي إعادة استخدام العملة التالفة التي تم سحبها سابقا من الدورة المصرفية لإتلافها، ورفضت شركات ومحال تجارية عديدة قبول هذه العملة التالفة مما جعل العديد من موظفي الدولة ممن استلموا تلك العملة التالفة يقتنون رواتبهم على هيئة نقود لا يستطيعون استخدامها(22).
وحتى تاريخ نشر هذا البحث ( 3 نوفمبر 2016)، يكون موظفو القطاع العام لم يستلموا رواتبهم منذ شهر سبتمبر للعام 2016، ولم يستلم موظفو وزارة الدفاع رواتبهم منذ أغسطس لنفس العام(23). الجدير ذكره أن الوسيلة الحكومية الأساسية لمساعدة الفقراء والأشد فقراً المتمثلة بـ “صندوق الضمان الاجتماعي” لم تستلم أو تصرف أي مبالغ منذ ديسمبر من العام 2014(24).
السلع الأساسية والعملة الأجنبية
بلغت قيمة الواردات لليمن في العام 2013 حوالي الـ 10.8 مليار دولار، أي ما يقدر ب 32٪ من الناتج الإجمالي القومي للبلاد. يؤشر ذلك أيضاً إلى اعتماد البلاد على السلع الأجنبية بشكل أساسي حيث أن تسعة أعشار الغذاء المستهلك في اليمن يتم استيراده من الخارج(25). وقد انخفضت قدرة البنك المركزي في الحفاظ على تزويد السوق بالعملة الأجنبية لتمويل الاستيراد كنتيجة لانخفاض مخزون البنك المركزي من العملة الأجنبية. كانت استراتيجية البنك العامة تقضي باستخدام احتياطي البنك الأجنبي لتغطية استيراد السلع الأساسية والحد الأدنى من واردات الوقود(26). ورغم أن البنك كان يتدخل للمحافظة على استقرار الاقتصاد الكلي، كانت الظروف المكانية كتزايد وتيرة الصراع في مناطق بعينها وتأثير انخفاض توفر الوقود سلباً على حركة المواصلات، قد ألقت بظلالها على مستويات توزيع السلع في مختلف أرجاء البلاد.
في العام 2012 وصل الاحتياطي الأجنبي لليمن إلى أكثر من ستة مليارات دولار عقب دعم سعودي تضمن إيداع مليار دولار في البنك المركزي (كان من المفترض أن تبدأ فترة سداده في سبتمبر 2016(27)). انخفض الاحتياطي عقب استيلاء الحوثيين وحلفائهم على العاصمة صنعاء في سبتمبر من العام 20144 ورحيل الاستثمارات المحلية والأجنبية ليصل إلى 4.6 مليار دولار بنهاية العام(28). في الظروف العادية يكفي هذا المبلغ لتغطية فاتورة الاستيراد لمدة أربعة أشهر فقط، ولكن التراجع العام في أداء الاقتصاد اليمني أدى إلى تراجع الطلب على السلع المستوردة مما سمح بتغطية فاتورة الاستيراد لفترة أطول(29).
مثل التدخل العسكري بقيادة السعودية الذي بدأ في مارس من العام 2015 عاملا أساسيا لمنع استئناف تصدير النفط الذي كان حتى وقتها المصدر الرئيس للعملة الأجنبية(30). أدى فقدان مصدر الدخل هذا – بالإضافة للضغوط الاقتصادية الأخرى الناتجة عن الصراع الداخلي والتدخل الخارجي والحصار- إلى انخفاض احتياطي البنك بنسبة 40٪ في النصف الأول من العام 2015 وتوقف عند ال 2.8 مليار دولار مع بداية الربع الثالث لنفس العام(31).
طيلة العام 2015 قام البنك باتخاذ إجراءات حاسمة لتدعيم تزويد السوق بالعملة الأجنبية والحد من تدخل السوق المحلية في ذلك. تضمنت تلك الإجراءات تخفيض التعاملات بالعملة الأجنبية، ووضع سقف أعلى للسحوبات من البنوك التجارية بالعملة المحلية(32). في يوليو من العام 2015 قام البنك بتخفيض خطوط الائتمان لاستيراد الوقود – رغم أنه أدى إلى أثر عكسي اقتضى برفع الطلب على الوقود في السوق السوداء – وبذلك رفع الطلب على الدولار الأمريكي(33). وبحلول الأول من يناير للعام 2016 كان مخزون البنك المركزي يبلغ الـ 2.1 مليار دولار، وهو مخزون يكفي في ظروف اعتيادية لتغطية فاتورة الاستيراد لشهرين فقط(34).
خطة طوارئ البنك المركزي اليمني
في يناير من العام 2016 أرسل البنك المركزي مذكرة للحكومة المعترف بها دوليا تحت بند “عاجل جدا، وسري للغاية” أوضح فيها وبشكل مفصل وضع احتياطيه مقترحا ثلاثة سيناريوهات للمضي قدما كما يلي:
أولا: مواصلة السياسات الحالية المتمثلة بدعم الريال والاستيراد حتى نضوب الاحتياطي الأجنبي.
ثانياً: تخفيض الإنفاق من العملة الأجنبية عبر تقليص تمويل الواردات.
ثالثاً: المحافظة على الاحتياطي عبر إيقاف خطوط الائتمان للواردات وتعويم الريال اليمني(35).
في هذه المذكرة السرية شرح البنك عواقب كل مقترح، وأكد أنه دون حصول البنك على مساعدة مالية إضافية، سينفذ احتياطي البنك من العملة الأجنبية كما في المقترح الأول بحلول شهر سبتمبر من العام 2016. وبينما يوفر ذلك استقرارا اقتصاديا على المدى القصير، لكنه لا يضمن حصول المواطنين على أبسط السلع الأساسية المستوردة ولا يضمن استقرار الأسعار بعد شهر سبتمبر. يمهد هذا السيناريو أيضا لعجز البنك عن سداد مستحقات الديون الخارجية مما يهدد بفقدان البنك لثقة الأسواق المالية العالمية والذي بدوره سيعود بالضرر على النظام المصرفي اليمني وإمكانية الحصول على أي قروض دولية مستقبلا.
وإذا ما تم السيناريو الثاني فإن البنك المركزي سينهي السنة المالية في 2016 بمليار دولار متبقية في احتياطيه. هذا السيناريو تضمن أيضا التوصل لتفاهمات مع المقرضين لإعادة جدولة استحقاقات سداد الديون على البنك، كما والايقاف الكامل لخطوط الائتمان لواردات الوقود والسكر مع المواصلة بتغطية فاتورة استيراد القمح و الرز فقط. ومن خلاله أيضا سيحافظ البنك على قدرة لا بأس بها على التدخل لتقديم مساعدة اقتصادية للعامة رغم أن التفاوض على موعد سداد الديون يهدد إمكانية الحصول على تمويل من المؤسسات الدولية في مرحلة ما بعد الحرب. كما سيدفع هذا السيناريو بالتجار إلى السوق المفتوحة لشراء الدولار حتى يتسنى لهم استيراد الوقود والسكر مما يضع قيمة الريال تحت ضغط هائل.
أما السيناريو الثالث المتعلق بتحرير سعر صرف الريال مقابل الدولار والتوقف عن تغطية الواردات جميعها فهو يسمح للبنك بحماية احتياطيه الأجنبي بينما يضع قيمة الريال وأسعار السلع الأساسية والوقود تحت ضغط هائل. كان من المفترض بأن يهون التوقع العام بانخفاض أسعار الغذاء عالميا من تلك الآثار. ولكن السيناريو الثالث كان – بكل الأحوال – سيخلق الكثير من المصاعب لملايين اليمنيين.
بعد الاستفاضة في دراسة تلك السيناريوهات قرر البنك أن يعمل على تنفيذ السيناريو الثاني إلى أن ينضب مخزونه من العملة الأجنبية، وحينها ينتقل إلى تنفيذ السيناريو الثالث. في فبراير قام البنك المركزي بإيقاف خطوط الائتمان لواردات السكر ومول خلال النصف الأول من العام 2016 ما قيمته 4144 مليون دولار من الواردات كانت 70٪ منها قمح و20٪ رز والبقية هي واردات المشتقات النفطية. خلال هذه الفترة بلغ إجمالي مصروفات العملة الأجنبية آل 760 مليون دولار. كانت أكبر البنود صرفا هي البند الغير استيرادي لسحوبات البنوك (170 مليون دولار)، بند سداد الديون الخارجية (94 مليون دولار) بالإضافة إلى بندي مصروفات السفارات ومنح طلاب اليمن بالخارج. وفي بداية النصف الثاني من السنة انخفض احتياطي البنك المركزي من العملة الأجنبية ما قيمته 1.3 مليار دولار.
تقويض البنك المركزي
في يونيو من العام 2016 تم استئناف تصدير النفط من اليمن بشكل بسيط بعد أن قامت قوات موالية للحكومة المعترف بها دوليا- بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة- بتحرير ميناء المكلا من قبضة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب(36). من المعتاد أن إيرادات صفقة بيع كهذه يتم تحويلها إلى حساب الحكومة في البنك المركزي في الخارج حيث تساهم في رفع إحتياطي البنك من العملة الأجنبية. ولكن، وبدلا عن ذلك قامت حكومة الرئيس هادي بتحويل تلك الإيرادات إلى حساب فتحته حديثا في البنك الأهلي السعودي(37).
كانت هذه الخطوة من قبل الحكومة المعترف بها دوليا بمثابة توقيع خروج عن الاتفاق بين الأطراف المتحاربة بتحييد البنك المركزي من الصراع وعدم التدخل في عملياته(38). كان الرئيس هادي في مارس 2015 قد أعلن عدن عاصمة مؤقتة مما أدى – بعد استعادة القوات الحكومية السيطرة على مدينة عدن في يوليو 2015 – إلى نشوء التكهنات بنقل المقر الرئيسي للبنك المركزي إليها. وكرد على ذلك قام محافظ البنك المركزي محمد عوض بن همام بالسفر من صنعاء إلى المملكة العربية السعودية للحديث مع مسؤولين كبار الذين أكدوا له بحسب تقرير لوكالة رويترز للأنباء، بأن إستقلالية البنك سيستمر احترامها.
بدأت حكومة هادي بالتشكيك في مصداقية البنك المركزي علانية في وقت سابق من هذا العام عبر الادعاء بأن بن همام كان منحازا للحوثيين(39). في الـ30 من يوليو وفي رسالة موقعة من قبل رئيس الوزراء اليمني الدكتور أحمد عبيد بن دغر، موجهة إلى صندوق النقد الدولي، طلب بن دغر تجميد حسابات البنك المركزي اليمني في الخارج وإلغاء توقيع المحافظ بن همام و نائبه. وقال بن دغر في رسالته بأن بن همام يتصرف في احتياطي البلاد من النقد الأجنبي “بشكل غير مسؤول”(40).
لحق ذلك طلب من الحكومة في أغسطس للمؤسسات المالية الدولية بمنع وصول قيادة البنك إلى أي من الاحتياطيات النقدية المملوكة للبنك خارج اليمن مدعية بأن البنك بدد حوالي الـ4 مليارات دولار من الأموال الحكومية لصالح الحوثيين وحلفائهم(41). استجابت المؤسسات المالية الدولية لذلك مما خلق تأثيرا مشابها لتأثير العقوبات الاقتصادية الكبرى حيث تم منع البنك من الوصول إلى معظم احتياطيه الخارجي مما شل قدرته على مواصلة عملياته.
وفي رسالة أخرى إلى حكومة هادي تم نشرها في وسائل الإعلام لاحقا، رد بن همام على ادعاءات الحكومة ضده وضد البنك المركزي بأن “لا أساس لها”(42). قال المحافظ بأن البنك أصدر تقارير دورية لإعلام الحكومة بحالة البنك، وعملياته وأرصدته وبأن جميع عمليات البنك المركزي يمكن تتبعها وتدقيقها من خلال السجلات المحفوظة لدى المؤسسات المالية الدولية مضيفاً أنه لا توجد أية مخالفات في حسابات البنك. وطلب بن همام من الحكومة تعيين شركة تدقيق مالية دولية مستقلة للتحقق من ذلك.
كان بن همام موضع ثقة بالنسبة للمسؤولين في جهتي النزاع والحكومات المجاورة والدبلوماسيين الغربيين والأسواق المالية بالإضافة إلى البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الذين رأوا فيه جميعا مصرفيا تكنوقراطيا مستقلا ذو سنوات من الخبرة فقد عمل بن همام في البنك المركزي منذ إعلان الوحدة اليمنية في العام 1990، وقبلها في مصرف اليمن في اليمن الجنوبي (سابقا)(43). وفي يونيو 2016 صرح رئيس بعثة صندوق النقد الدولي لليمن، البرت يغر، بأن “البنك المركزي جاد بالفعل بالنسبة لمسألة حياده في موقف سياسي وأمني صعب، وكان ناجحا بشكل كبير في الحفاظ على الاستقرار المالي خلال الصراع”(44).
لم تقم حكومة هادي بالرد بشكل رسمي على رسالة بن همام حتى أغسطس من العام 2016 حينما أعلنت إيقاف تعاونها مع البنك المركزي وأنها ستعمل على تحويل إيرادات الجمارك وتصدير النفط بعيدا عن حساباتها لدى البنك المركزي(45). في الـ18 من سبتمبر 2016 أصدر الرئيس هادي قرارا يقضي بتعيين محافظ جديد للبنك المركزي ونقل المقر الرئيسي للبنك من صنعاء إلى عدن مبرراً ذلك بأن قرار النقل كان ضروريا للحفاظ على استقلالية البنك. صرح أحد الدبلوماسيين الغربيين حينها في حديث لرويترز بأن “المقلق في الأمر هو أن الحكومة اليمنية – والتحالف بقيادة السعودية من خلفها – يحاولون استخدام الاقتصاد اليمني كتكتيك عسكري”.
وفي خطابه أمام اللجنة العمومية للأمم المتحدة في الـ23 من سبتمبر 2016 قال هادي بأن “نقل البنك المركزي سيصعد من الضغط على جماعة الحوثي المتمردة في العاصمة”(46)، لكنه اعترف بأن هذا القرار سيزيد المصاعب على ملايين اليمنيين مضيفاً أنه “من الممكن أن نعجز عن صرف رواتب موظفي القطاع العام”.في الشهور الماضية عبر أكثر من مسؤول رفيع المستوى في حكومة هادي وراء الأبواب المغلقة عن رغبتهم في شن حرب اقتصادية على المحافظات التي تقع تحت سيطرة الحوثيين في اليمن.
خلال الشهرين الماضيين أجرى مركز صنعاء عشرات المقابلات واللقاءات في الخليج، وأوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية مع دبلوماسيين ومسؤولين رفيعي المستوى بالإضافة إلى أعضاء كبار من المؤسسات المالية الدولية التي تعمل على اليمن. في كل اللقاءات أكد جميع هؤلاء على نقطتين أساسيتين: الأولى أن نقل البنك المركزي خطأ، والثانية أن الاتهامات الموجهة لبن همام عارية عن الصحة.
بل أن عدة مسؤولين غربيين قالوا بأن الرئيس هادي نكث بوعده بالعودة إليهم قبل أي قرار بنقل البنك المركزي. نفس المسؤولين صرحوا بأن حكوماتهم كانت راغبة بإدانة قرار النقل هذا لكنها امتنعت عن ذلك لكونه سيضعها في موقف غير مريح بإدانة قرار حكومة تقول في العلن أنها تدعمها و تعترف بها.
اليمن دون بنك مركزي قادر على العمل
احترم بن همام ومجلس إدارة البنك المركزي في صنعاء قرار الرئيس هادي وتنحوا عن مناصبهم بينما تولى المحافظ الجديد، منصور القعيطي -وزير مالية هادي السابق- ومجلس إدارته الجديد زمام الأمور لتسيير عمليات البنك. الأكثر فداحة هو أنه، لم يتم تأمين الخبرات المؤسساتية أو المعلوماتية الرسمية والاحتياطات المالية اللازمة لعملية الانتقال قبل قرار نقل البنك المركزي من قبل الرئيس(47).
وحتى تاريخ نشر هذه الورقة، لم يعلن البنك المركزي في عدن عن أية خطط لنقل أي من الـ800 موظف المدربين الذين يعملون في مقر البنك المركزي في صنعاء كما لم يقدم أية تفاصيل متعلقة بآليه توظيف طاقم محترف بديل مثلا ليباشر عمليات البنك في عدن(48). من ضمن العوائق بهذا الخصوص هي مسألة الوضع الأمني في مدينة عدن- تجسدت هشاشته في حادثة تفجير عربة أمام البنك المركزي أواخر أكتوبر المنصرم(49). إن الوضع الأمني في مدينة عدن قد أدى بالحكومة المعترف بها دوليا نفسها إلى الاستمرار في العمل من الرياض. وعلاوة على ذلك، لم تقم قيادة البنك الجديدة بإعلان أية خطط لكيفية نقل أرشيف ووثائق البنك المركزي في صنعاء حيث توجد سجلات وقوائم مستحقي الرواتب في القطاع العام و قوائم الميزانيات العمومية وأصول والتزامات البنك، وهي وثائق أغلبها متوفرة فقط بشكل ورقي وليس رقمي أو الكتروني(50).
في زيارة قام بها إلى الولايات المتحدة الأمريكية في شهر أكتوبر، التقى المحافظ الجديد مع قيادات من المؤسسات الدولية وعدد من المسؤولين الغربيين. خلال الزيارة تعهد المحافظ الجديد بأن إدارته ستقوم باستئناف العمليات الأساسية للبنك المركزي والتي من ضمنها صرف رواتب موظفي القطاع العام (المدني)، تمويل الاستيراد، والعمل على استقرار العملة المحلية. قالت مصادر دبلوماسية كانت حاضرة في تلك اللقاءات بأن القعيطي في نفس الوقت لم يقدم أية خطط حقيقية أو تفاصيل لكيفية تنفيذ الوعود الآنف ذكرها(51).
هذا النقص الحاد للشفافية والوضوح المحيط بالمحافظ الجديد للبنك المركزي في عدن وعملية النقل برمتها يعززان مشاعر عدم الثقة من قبل البنوك التجارية اليمنية، رجال الأعمال، التجار، والعامة – بالإضافة للمؤسسات المالية الدولية والمقرضين الخارجيين- بالقيادة والإدارة الجديدة، بخلاف الثقة التي امتدت لسنوات وكانت موضوعة في شخص وأداء المحافظ السابق والذي تمت مهاجمته مرارا من قبل القيادة الجديدة للبنك وحكومة هادي(52). وحتى الحكومات المتعاطفة كحكومتي السعودية والإمارات، اللتان دعمتا قرار نقل البنك إلى عدن وأعربتا عن استعدادها لتزويد البنك بالموارد المالية، لم تفيا إلى الآن بأي من تلك الوعود.
وكنتيجة لذلك، لم يعد هناك أية مؤسسة لديها السلطة، الخبرة، والموارد اللازمة لتنفيذ العمليات الأساسية للبنك المركزي في اليمن.
تفاقم الأزمة الإنسانية
في يوليو من هذا العام رفعت الأمم المتحدة درجة الأزمة الإنسانية في اليمن إلى المستوى الثالث- وهو أعلى مستوى لدى الأمم المتحدة- واضعة الأزمة في نفس مستوى الأزمات في سوريا، العراق، وجنوب السودان(53). وبحلول الشهر الماضي بلغ عدد الأطفال الذين يعانون من سوء حاد للتغذية في اليمن 370 ألف – بمعنى أنهم يفتقدون للسعرات الحرارية الكافية مما أدى إلى بروز آثار هزال ونحف شديدين عليهم – بحسب تقارير الأمم المتحدة. وتصل الحالات الأكثر حدة إلى المليون ونصف المليون طفل يمني الذين يواجهون “سوء تغذية يهدد الحياة”(54).
يعيش أكثر من 3 ملايين يمني من 26 مليون هم سكان اليمن “كنازحين” بسبب الصراع الأخير فقط، بينما يواجه 30٪ من اليمنيين نقصا حادا في الأمن الغذائي، ويحتاج نصف اليمنيين لمساعدة انسانية لإنقاذ حياتهم، كما يحتاج أربعة من كل خمسة أفراد في اليمن إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية. وتقول الأمم المتحدة أن 10 من أصل 22 محافظة يمنية تواجه المجاعة(55).
لا تمتلك الحكومة المعترف بها دوليا ولا الحوثيون المتمردون وحلفاؤهم القدرة المؤسساتية أو الموارد اللازمة لمواجهة أزمة كهذه، علاوة على أنهم لم يظهروا أي اكتراث أصلاً أو توجيه للموارد اللازمة لمواجهة الأزمة. قامت معظم المنظمات الغير حكومية ومنظمات المساعدات الإنسانية بسحب أو تخفيض تمثيلها في اليمن بشكل كبير منذ بدء الحرب. و تبقى المنظمات المتبقية غير قادرة على الوصول إلى المحتاجين للمساعدات بسبب المعارك المتواصلة، انقطاعات الوقود في عموم البلاد، والطرقات والجسور المدمرة، والخطر المحدق للضربات الجوية، وازدحام الطرقات الرئيسية بين المدن لتدمر بنيتها من الحرب مما جعل الوصول إلى مناطق كثيرة من البلاد عملا شاقا للغاية(56).
إن تقويض سلطة البنك المركزي والنظام المصرفي في البلاد سيؤدي إلى ارتدادات سلبية على جميع النواحي اللوجستية لجميع عمليات الإغاثة في اليمن(57). وفي حال عجز البنك المركزي عن سداد ديونه الخارجية فإن ذلك سيضع احتمالية الحصول على قروض ومنح في المستقبل في خطر. على سبيل المثال إذا لم يقم البنك المركزي اليمني بسداد مستحقات ديونه للبنك الدولي قريبا، فإن اليمن سيصبح غير مؤهل لتمويل برامج طارئة تابعة لمؤسسة التنمية الدولية للبنك بقيمة 400 مليون دولار(58).
وبالرغم من تخفيف الحصار البري والجوي مؤخراً من قبل التحالف الذي تقوده السعودية والمستمر منذ 18 شهرا، فإنه لا يزال يقيد حركة التجارة وتوزيع المساعدات داخل البلاد. ويقوم الحصار الداخلي لمناطق عدة – بالأخص حصار الحوثيين لمناطق تحت سيطرة الحكومة في مدن كتعز – بفعل نفس الشيء.
وبالتوازي قامت ضربات التحالف الجوية بالتسبب بضرر كبير لموانئ البلاد مما يؤخر ويطيل من وقت إفراغ حمولات سفن الشحن، كما دمر القصف البنية التحتية الأساسية والمستشفيات والمدارس ومنظومة الكهرباء والماء والمجاري والأسواق والمصانع والمباني السكنية(59).
حتى قبل الأزمة السياسية في العام 2011 والصراع الحالي، كانت اليمن إحدى أقل الدول نموا في العام والأشد فقراً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.ويقدر البنك الدولي بأن معدل الفقر في البلاد قد تضاعف تقريبا بين العام 2014 وربيع العام 2016 ليرتفع من 35٪ إلى 62٪ بناء على تحديد خط الفقر بحوالي 50 دولارا للفرد في الشهر (بحسب أسعار العام 2014)(60).
إن عدم وجود بنك مركزي قادر على العمل بفعالية قد ترك معظم الـ 1.2 مليون عامل حكومي يمني بلا رواتب منذ شهر أغسطس المنصرم. وكونهم معيلن لعائلات في العادة فهم يعيلون حوالي الستة ملايين فرد، بناء على تقدير لمتوسط حجم العائلة اليمنية، مما يعني بأن العديد من العائلات انزلقت إلى مستويات الفقر بجانب العائلات التي كانت بالأصل تحت خط الفقر(61).
المضي قدماً
إن إنهاء الحرب الدائرة حاليا هو أسرع وأفضل طريقة للحيلولة دون تفاقم الوضع الإنساني – المروع أساساً – في اليمن. وإلى حين إنجاز ذلك يبقى من المهم جدا لأطراف النزاع والمعنيين بالأمر (محلياً وإقليمياً ودوليا) توحيد الجهود لدعم البنك المركزي كي يستأنف عملياته بأقرب وقت ممكن، بغض النظر عن موقع مركزه الرئيسي.
هنالك حاجة ملحة على وجه الخصوص لصرف رواتب العاملين الحكوميين، الذين يمثلون فئة كبيرة من سكان اليمن. إن فقدانهم لمصدر دخلهم يعمل على تسارع وتيرة انتشار المجاعة بين الشعب الذي يرزح بالأساس تحت وطأة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العام.
ستكبر الكارثة حال عدم استئناف إمداد التجار بخطوط ائتمان لاستيراد السلع الأساسية. يقدر مستوردو القمح في اليمن بأنه دون استئناف إمدادهم بخطوط ائتمان للاستيراد، فإن مخزون البلاد من الحبوب سينفذ خلال شهرين(62).
من المهام الأخرى للبنك المركزي والتي بحاجة للاهتمام بشكل عاجل -بغض النظر عن الآلية التي ستتبع لاستئناف عمليات البنك- هي دعم صندوق الضمان الاجتماعي في تقديمه لخدماته للفئات الأشد فقرا في البلاد، وتمديد خطوط الائتمان للواردات الأساسية كالوقود، والحفاظ على قيمة الريال ومواجهة أزمة السيولة، ودفع أو إعادة جدولة الديون الخارجية للحفاظ على ثقة الأسواق المالية، لكي يتم أيضا الحفاظ على فرص اليمن للاقتراض مستقبلا لإعادة الإعمار عقب انتهاء الحرب.
يجب ألا تسمح النقاشات حول السياسات القادمة بأي مقترحات يقوم بها البنك المركزي وإدارته في عدن تتعلق بعزل البنك المركزي وطاقمه في صنعاء. إن قلة الخبرة والتخصص المؤسسي لدى البنك المركزي في عدن، بالإضافة إلى كون بنية البلاد المالية التحتية متركزة بشكل كبير في العاصمة صنعاء، يمثلان تحدٍ رهيب أمام انتقال ناجح للبنك حتى وإن كانت اليمن دولة متطورة وتعيش حالة سلم واستقرار ونمو اقتصادي معتدل.
وبالنظر إلى واقع اليمن اليوم تبقى فرص البنك المركزي في عدن على المدى المتوسط لتطوير قدرته على تنفيذ عمليات البنك المركزي الاعتيادية بشكل أحادي ضئيلة للغاية. وذلك حتى بغض النظر عن مستوى الدعم الذي يمكن أن تقدمه الحكومة المعترف بها دوليا وحلفاء هادي الإقليميين والدوليين والمؤسسات المالية الدولية.
في نفس الوقت لم يعد البنك المركزي في صنعاء قادرا على أداء مهام بنك مركزي. ويبقى تصريح الحوثيين برغبتهم في إنشاء بنك مركزي خاص بهم أمرا غير منطقي أو معقول(63). قد يكون مبنى البنك والسجلات الخاصة بالبنك تحت سيطرة الحوثيين لكن أي بنك مركزي سيقومون بإنشائه لن يحظى بالشرعية والاعتراف لممارسة أية معاملات دولية أو فتح حسابات دولية أو طباعة نقود أو القيام بأي بديهيات بنكية يقوم بها أي بنك مركزي في العادة. إن أي محاولة لإنشاء كيان كهذا سيكون لها عواقب كارثية نظرا للإرباك وعدم الثقة (الضعيفة أصلا) الذي ستخلقه في النظام المالي اليمني دولياً والآثار السلبية التي ستتسبب بها للاقتصاد والوضع الإنساني بالأخص في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
إن الخيار الواقعي والوحيد للوصول إلى بنك مركزي قادر على العمل بشكل فعال في المدى القريب هو أن يكون هنالك تنسيق وتعاون بين طاقم البنك المركزي السابق والحالي. الخطوة اللازمة نحو المضي قدما نحو هذا الهدف هي إعادة العمل بالاتفاق بين الأطراف المتحاربة والقاضي باحترام حيادية البنك المركزي وعدم التدخل في عملياته.
يجب على الحلفاء الإقليميين والمجتمع الدولي وجميع الأطراف المعنية بأمر اليمن ممارسة ضغوط كبيرة على الأطراف المتصارعة بهذا الخصوص. وبالأخص يجب بذل الجهود لمنع استخدام الاقتصاد كسلاح من قبل أي من الأطراف. يجب على المجتمع الدولي عدم قبول تجويع الملايين من اليمنيين واستخدام ذلك كتكتيك في الحرب.
إن تفاصيل معادلة التعاون اللازمة بين البنك المركزي في صنعاء وعدن هي أكبر من نطاق هذه الورقة البحثية. لكن يمكن القول بأن الميزة الوحيدة لوجود البنك المركزي في عدن قد تكون في إمكانية إمداد دول الخليج – الداعمة لهادي والتي لها أيضا تاريخ كثيف في دعم اليمن ماليا – للبنك المركزي بالموارد المالية اللازمة لاستئناف عملياته(64). بإمكان قيادة البنك في عدن على سبيل المثال فرض مراقبة مستمرة ودائمة لرصيد البنك لضمان عدم سوء استخدامه أو إعادة توجيهه للأطراف المتصارعة، بينما يقوم فرع البنك في صنعاء – الذي يستحوذ على البنية التحتية المالية واللوجستية والخبراتية في التعامل مع البنوك التجارية – بتنفيذ عمليات البنك المعتادة.
هذا الشكل المؤسسي قد يسمح بجذب مساعدات مالية ليس فقط من دول الخليج فحسب وإنما من غيرها أيضا. لكن حتى يتسنى لذلك الحدوث يجب أن تثبت الحكومة اليمنية أولاً رغبتها هي تحديدا في دعم بنكها المركزي. يجب على الرئيس هادي توريد عائدات تصدير النفط وإيرادات الضرائب وغيرها من واردات الدولة إلى حساب الحكومة في البنك المركزي فوراً. إن مساعدة – بل ومراقبة – عمليات البنك من قبل خبراء ماليين دوليين قد تدعم الثقة في استقلالية البنك وقدرة إدارته على تنفيذ مهام البنك المعتادة.
شكل آخر من أشكال التدخل التي يمكن تحقيقها – على الأقل حتى تفعيل آلية تعاون بين فرعي البنك المركزي- يقتضي وضع المساعدات المالية المستقبلية من قبل المانحين في حساب في الخارج تتم إدارته من قبل لجنة اقتصادية مستقلة. تقوم هذه اللجنة بالتنسيق بين إدارة البنك المركزي لضمان الحفاظ على آليات الاستقرار الاقتصادي في البلاد. من مساوئ هذا الخيار أنه يخاطر بتهالك حيادية وسيادة البنك المركزي اليمني. لكن الظروف الحالية القاهرة التي تمنع وجود بنك مركزي يعمل بشكل فعال والتي أدت إلى مواجهة ملايين اليمنيين لمجاعة محققة تبرر هكذا تدخل دولي. إن الآلية المناسبة لهذا الحل قد تكون في استدعاء بروتوكول “المسؤولية عن الحماية” – حق التدخل الإنساني(65). قد تكون اليمن المكان المناسب لتجديد روح هذا البروتوكول بعد الجدل الذي ثار حوله عقب التدخل في ليبيا في العام 2011.
في حالة تدخل طرف – أو أكثر- من الأطراف المتحاربة في عرقلة عمل اللجنة الاقتصادية المستقلة، سيكون إطار رد مجلس الأمن نابعا من كون اليمن تحت البند السابع منذ فبراير للعام 2014 بحكم قرار مجلس الأمن رقم 2140. هذا يوفر لمجلس الأمن مجموعة من الإجراءات -الغير عسكرية- بحسب المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة(66). بينما لا توجد حتى الآن سابقة لهكذا إجراء، يقتضي تفعيل المادة 41 في سياق تدخل اقتصادي، يبقى أن هذا الإجراء(67) يتسق مع تدخلات دولية سابقة قضت بإيقاف التصعيد للمعاناة الإنسانية بسبب حرب أهلية أو عدم التعاون مع جهود الأمم المتحدة للسلام” كما تنص المادة 41.
على سبيل المثال، إن إقرار عقوبات مؤقتة بتحويل أموال أي من الأطراف المعرقلة وتحويلها لحساب البنك المركزي في الخارج المدار من قبل الهيئة الاقتصادية المستقلة سيكون من صلاحيات مجلس الأمن المخولة له تحت المادة 41.
إن استخدام خيار البند السابع يجب أن يظل آخر ورقة. كما يتوجب على جميع الأطراف المشاركة في الهيئة الاقتصادية التأكيد على طبيعتها المؤقتة واللحظية. يجب العمل على نقل المسؤولية والقدرة على تحقيق أبسط مقومات الاستقرار الاقتصادي بشكل تدريجي للبنك المركزي اليمني بالتزامن مع استعادة البنك لقدرته على تنفيذ عملياته بشكل كامل ومستقل.
يجب على جميع الأطراف المعنية بأمر اليمن أن يعوا بأنه في حالة عدم التدخل للمساعدة على استعادة البنك المركزي لقدراته ومهامه على المدى القريب والعاجل، فإن أسوأ سيناريوهات الأزمة الإنسانية في اليمن ستتحقق بلا نهايات..
عن الباحثين:
منصور راجح هو كبير الاقتصاديين بمركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية
أمل ناصر هي اقتصادية غير مقيمة في مركز صنعاء، وحائزة على درجتي البكالوريوس والماجستير في الاقتصاد من معهد برلين للتكنولوجيا.
فارع المسلمي هو زميل غير مقيم في معهد الشرق الأوسط بواشنطن.
عن مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية:
مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية هو مؤسسة بحثية مستقلة تقدم مقاربات جديدة لفهم قضايا اليمن والإقليم المجاور عبر وجهات نظر متزنة، دراسات معمقة، وتحليلات خبراء.
منذ تأسيسه في العام 2014 ، ينفذ المركز أبحاث واستشارات في المجالات السياسية، والاقتصادية، والتطورات الاجتماعية، بالإضافة إلى تقديم المشورات الفنية والتحليلية للقضايا ذات الاهتمام المحلي والإقليمي والدولي.
شكر وتنويه
لم تكن هذه الورقة لترى النور لولا المراجعة و الملاحظات والتحرير المكثف لسبنسر أوسبرج والمساعدة البحثية لوليد الحريري. يتحمل المؤلفون حصريا كل المسؤولية عن محتوى الورقة ، ولكنهم يعبرون عن عميق تقديرهم للإضافات والملاحظات المفصلية لكل من السيد أوسبرج والسيد الحريري..
الهوامش
[1] ‘Ensuring Yemen’s state structures survive the conflict: The imminent critical threats to the Yemeni riyal and government institutions’ مركز صنعاء، ٢٥ فبراير ٢٠١٦
[2] نشرة التطورات النقدية لدى البنك المركزي، يناير ٢٠١٥
[3] الدور المحوري للمجالس المحلّية في اليمن، مركز صنعاء، ١٠ سبتمبر ٢٠١٦.
[4] الدور المحوري للمجالس المحلّية في اليمن، مركز صنعاء، ١٠ سبتمبر ٢٠١٦.
[5] “How Yemen’s wartime central bank keeps country afloat”، رويترز، ١٠ يونيو ٢٠١٦
[6] “الحكومة تطالب سلطات حضرموت بتوريد المبالغ المالية إلى البنك المركزي في صنعاء”، المصدر أونلاين، ١٧ يوليو ٢٠١٦.
[7] “فرع البنك المركزي اليمني بمأرب ينفي توقفه عن العمل”، المحيط، ٢١ سبتمبر ٢٠١٦.
[8] ‘Ensuring Yemen’s state structures survive the conflict: The imminent critical threats to the Yemeni riyal and government institutions’ مركز صنعاء، ٢٥ فبراير ٢٠١٦.
[9] “انهيار الاقتصاد والمجاعة الوشيكة في اليمن: خطوات جادة وعاجلة يجب اتخاذها لمواجهة الأسوأ”، مركز صنعاء، ٥ نوفمبر ٢٠١٥.
[10] بحث ميداني، البنك المركزي اليمني، صنعاء، سبتمبر ٢٠١٦.
[11] “How Yemen’s wartime central bank keeps country afloat”، رويترز، ١٠ يونيو ٢٠١٦.
[12] “How Yemen’s wartime central bank keeps country afloat”، رويترز، ١٠ يونيو ٢٠١٦.
[13] “Yemeni People Suffer as the World Turns its Back”، فاناك كرونيكال، ٢٠ يوليو ٢٠١٥
[14] “Yemen – Complex Emergency”،الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (يو اس أيد)، ١ يوليو ٢٠١٦
[15] “Yemen Transition 2.0: The Foreign Exchange Crisis”، ديب روت، ٤ اغسطس ٢٠١٦.
[16] إحصاءات البنك الدولي.
[17] “انهيار الاقتصاد والمجاعة الوشيكة في اليمن: خطوات جادة وعاجلة يجب اتخاذها لمواجهة الأسوأ”، مركز صنعاء، ٥ نوفمبر ٢٠١٥.
[18] ‘Ensuring Yemen’s state structures survive the conflict: The imminent critical threats to the Yemeni riyal and government institutions’ مركز صنعاء، ٢٥ فبراير ٢٠١٦
[19] بحث ميداني، البنك المركزي اليمني، صنعاء، اكتوبر، ٢٠١٦.
[20] “على غير المتوقع.. أزمة خانقة في العملة اليمنية لدى البنوك المحلية”، المصدر اونلاين، ٢٩ يونيو، ٢٠١٦.
[21] “محافظ البنك المركزي اليمني :الحوثيون سحبوا 1.8مليار دولار بطريقة غير قانونية”، يمن مونيتور، ١٩ سبتمبر ٢٠١٦.
[22] “المركزي اليمني” يستمر في ضخ “العملة التالفة” ولا خيار لموظفيّ الدولة”،يمن مونيتور، ١ سبتمبر ٢٠١٦
[23] بحث ميداني، البنك المركزي اليمني، صنعاء، سبتمبر ٢٠١٦
[24] مقابلة مع مسؤول في صندوق الضمان الاجتماعي، نوفمبر ٢٠١٦.
[25] نشرة التطورات المالية في البنك المركزي، ديسمبر ٢٠١٤. “Yemen’s invisible food crisis”، اوكسفام، ٢٤ مارس ٢٠١٦.
[26] رسالة من مكتب محافظ البنك المركزي اليمني، البنك المركزي، ٨ اغسطس ٢٠١٦.
[27] “اليمن في منتصف الطريق نحو مستقبل جديد”، البنك الدولي، ٣ يونيو ٢٠١٣.
[28] “Yemen Foreign Exchange Reserves”، Trading Economics
[29] ‘Ensuring Yemen’s state structures survive the conflict: The imminent critical threats to the Yemeni riyal and government institutions’ مركز صنعاء، ٢٥ فبراير ٢٠١٦
[30] “Yemen’s Economy: Oil, Imports and Elites”, تشاتام هاوس، اكتوبر ٢٠١١
[31] ‘Ensuring Yemen’s state structures survive the conflict: The imminent critical threats to the Yemeni riyal and government institutions’ مركز صنعاء، ٢٥ فبراير ٢٠١٦
[32] “Yemen Transition 2.0: The Foreign Exchange Crisis”، ديب روت، ٤ اغسطس ٢٠١٦
[33] بحث ميداني، البنك المركزي اليمني، سبتمبر، صنعاء، ٢٠١٦
[34] ‘Ensuring Yemen’s state structures survive the conflict: The imminent critical threats to the Yemeni riyal and government institutions’ مركز صنعاء، ٢٥ فبراير ٢٠١٦
[35] رسالة من مكتب محافظ البنك المركزي اليمني، البنك المركزي، ٨ اغسطس ٢٠١٦.
[36] “Exiled Yemen government sells crude to Glencore”, AMEinfo، ٢٥ يوليو ٢٠١٦
[37] بحث ميداني، البنك المركزي اليمني، سبتمبر، صنعاء، ٢٠١٦.
[38] “Central Bank Crisis Risks Famine in Yemen”, مجموعة الأزمات الدولية ٢٩ سبتمبر ٢٠١٦.
[39] “الحكومة اليمنية تتهم البنك المركزي بالتواطؤ مع الانقلابيين”، العربي الجديد، ٤ مايو ٢٠١٦.
[40] “Yemen’s Government Calls on IMF to Halt Dealings With Central Bank”، وال ستريت جورنال، ٩ اغسطس ٢٠١٦.
[41] “SANCTIONS INTELLIGENCE UPDATE – YEMEN: ASSESSING RISK TO THE FINANCIAL SYSTEM”، مجموعة كامستول، يونيو ٢٠١٦.
[42] رسالة من مكتب محافظ البنك المركزي اليمني، البنك المركزي، ٨ اغسطس٢٠١٦.
[43] من عدة مقابلات مع مسؤولين من حكومات المنطقة والمجتمع الدولي والمؤسسات المالية الدولية والأمم المتحدة تمت في سبتمبر واكتوبر ٢٠١٦.“Central Bank Crisis Risks Famine in Yemen”, مجموعة الأزمات الدولية ٢٩ سبتمبر ٢٠١٦. “محافظ البنك”، البنك المركزي اليمني.
[44] “How Yemen’s wartime central bank keeps country afloat”، رويترز، ١٠ يونيو ٢٠١٦.
[45] Exiled Yemen government risks humanitarian catastrophe to cut off central bank”،رويترز، ٢٤ اغسطس ٢٠١٦.
[46] “General Debate of the 71st Session”، إجتماع اللجنة العمومية للأمم المتحدة، ٢٣ سبتمبر ٢٠١٦.
[47] بحث ميداني، البنك المركزي اليمني، سبتمبر، صنعاء، ٢٠١٦.
[48] بحث ميداني، البنك المركزي اليمني، سبتمبر، صنعاء، ٢٠١٦.
[49] “Car Bomb Target Yemen’s Central Bank in Aden”، ABC News, ٢٩ اكتوبر، ٢٠١٦.
[50] بحث ميداني، البنك المركزي اليمني، سبتمبر، صنعاء، ٢٠١٦.
[51] عدة مقابلات مع مسؤولين من حكومات المنطقة والمجتمع الدولي والمؤسسات المالية الدولية والأمم المتحدة تمت في سبتمبر واكتوبر ٢٠١٦.
[52] بحث ميداني، البنك المركزي اليمني، صنعاء، اكتوبر ٢٠١٦.
[53] “Yemen: highest emergency response level declared for six months”، OCHA، اكتوبر ٢٠١٦.
[54] “Yemen conflict: A devastating toll for children” “Yemen conflict: A devastating toll for children”، اليونسيف، اكتوبر ٢٠١٦.
[55] “Yemen – Emergency Operations”، برنامج الغذاء العالمي
[56] “Attacks on Yemeni Aid Workers Imperil Assistance in Overshadowed Conflict”، ATHA، ١١ سبتمبر ٢٠١٥.
[57] “The War in Yemen: Is There an End in Sight?”، برنامج كارنغي للشرق الاوسط، ٢٦ اكتوبر ٢٠١٦.
[58] “الوفاء بالتعهدات في اليمن”، البنك الدولي، ١٤ فبراير ٢٠١٣.
[59] “انهيار الاقتصاد والمجاعة الوشيكة في اليمن: خطوات جادة وعاجلة يجب اتخاذها لمواجهة الأسوأ”، مركز صنعاء، ٥ نوفمبر، ٢٠١٥.
[60] “COUNTRY ENGAGEMENT NOTE FOR THE REPUBLIC OF YEMEN”، البنك الدولي، ٢٠ يونيو، ٢٠١٦.
[61] “2013 National Health and Demographic Survey”، وزارة الصحة اليمنية و المجلس الوطني للسكان، ٢٠١٣.
[62] من نقاشات في لقاء في لندن، المملكة المتحدة، في اكتوبر ٢٠١٦ والتي ضمت مستوردين يمنيين ومنظمات إغاثة عالمية وغيرها.
[63] “Feud over Yemen central bank deepens economic woes”، Middle East Eye، ١٨ اكتوبر ٢٠١٦.
[64] “Yemen aid factsheet 1995-2009”، Global Humanitarian Assistance، مارس ٢٠١١.
[65] “المسؤولية عن الحماية”، مكتب المستشار الخاص المعني بمنع الإبادة الجماعية.
[66] “الفصل السابع: فيما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان”، ميثاق الأمم المتحدة.
[67] يشدد الباحثون على أن فكرة استخدام البند السابع و “حق الحماية الإنسانية” ، هي فكرة تحتاج إلى التفصيل والدراسة بشكل معمق من قبل مختصين /ات في القانون الدولي. خلال فترة هذا البحث تم إستشارة قانونيين ومختصين في القانون الدولي بشكل غير رسمي. وبينما كانت إجابتهم المبدئية هي أن الأمر من وجهة نظر القانون الدولي ممكن، إلا أن ذلك لا يقلل من أهمية دراستها بشكل مفصل ومراعاة ما يلي:
أ – أستخدام هذه الفكرة فقط في حال إنعدام/فشل كافة الخيارات الأخرى.
ب- إن هذه الفكرة – في حال استخدامها – يجب أن تظل شديدة اللحظية، خاصة أنها تحمل الكثير من المخاطر المتعلقة باستقلال البنك المركزي كما تشير الورقة.