هي، بالمقاربة العسكرية، معركة بسيطة وسهلة، وإنْ كانت نوعية. كما أن لتحريرها مكاسب عسكرية مهمة تأمين عدن أقلها ، و أكثرها المخا و باب المندب. وبكل المقاييس، القضية ليست قضية عجز، ولا حتى صراع داخلي ضمن صراع النفوذ بين قوى التحالف نفسها وبين حلفائها الداخليين وتناقض في الاجندة والاولويات.
صحيح أنّ للتحالف أولويات عسكرية وأمنية مختلفة عن تلك التي لحلفائه اليمنيين، لكن ذلك ليس كافيا وحده أيضا كتفسير. صحيح أيضاً أنّ البعض يحاول استخدامها كورقة ضغط إنسانية وسياسية، لكن أثر ذلك محدود جدا لأسباب كثيرة؛ ثم إنه سبب ثانوي هامشي جدا.
والقضية ليست بالتأكيد قوة صالح والحوثي الضاربة في تعز، فقد تم تخفيف الضغط الذي يمكن أن تشكله جبهة نهم / مأرب عليهما.
القضية أكبر من هذا كلّه ، فكلّ الأطراف لها معركتها الخاصة مع تعز، لأنها آخر حضور للجمهورية اليمنية بمعناها السياسي والتاريخي والجغرافي المباشر والذي ستترتب عنه أيضا نتائج المفاوضات وما بعد الحرب.
إنّ تعز هي الكاسرة الوحيدة لكل هذه المشاريع المناطقية أو التشظوية، بمحركاتها الداخلية والإقليمية.
إن تحررت تعز فإن ذلك سيربك حسابات الحراك، بمعناها السياسي، إذ ستصبح الجزء الشمالي الوحيد المحرر بعد حدود ما قبل 1990 . ثم إنها تربك حسابات معسكر الخير والشر للفيدراليين المتحمسين والمشيطنين لأسباب عقلية وذهنية معينة.
وقبل ذلك كله، هي بالنسبة للـ”حوثي صالح” المتوقف على حدود 90، أهم ما يريد الحفاظ عليه للتفاوض المبني على المصالح المناطقية والجغرافية التي يرسمها في مخيلته ليمن يخضع لفانتازمات إحكام السيطرة.
تحرير تعز إذن هو تفتيت للكثير من الأشياء، وللعديد من الإطراف، وخلخلة لكلّ ما لا علاقة له باليمن واليمنيين وما قبل اليمن الجمهوري.
تعز بوضعها الحالي هي أقسى ترويض لليمن الجمهوري وليمن ما بعد ٢٠١١.
تكلفة الفشل في تعز أقل من تحمل تكلفة الانتصار أو السلام، لأطراف عدة ولأسباب متعددة للغاية.