قام بكتابة هذا المقال فارع المسلمي ومنصور راجح
نظرة عامة:
أدت الحرب الأهلية والتدخل العسكري للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن إلى توقف النشاط الاقتصادي، كما تواجه البلد مجاعة حقيقية محتملة، إضافة إلى التوقف الكامل للعائدات النفطية التي كانت تغطي 70% من ميزانية الدولة، وقد أدى ضعف توليد الطاقة الكهربائية والذي تواءم مع شحة الوقود على مستوى البلد إلى إغلاق العديد من المصانع الكبيرة والصغيرة مما تسبب في خسارة مئات الآلاف لأعمالهم، وقامت العديد من الشركات الأجنبية والمنظمات الدولية بتعليق أعمالها وسحب موظفيها ورؤوس أموالها إلى الخارج.
بدأت القوة الشرائية في اليمن بالانحدار بسبب الارتفاع الشديد في تكاليف الاستيراد في بلد يعتمد على الاستيراد بنسبة 90% من متطلبات المواطنين الغذائية، كما أشار تقرير للبنك الدولي قبل عمليات التحالف العربي في مارس 2015، إلى أن أكثر من نصف سكان اليمن يعيشون تحت خط الفقر و45% منهم يعانون من تدهور الأمن الغذائي. وفي الوقت الحالي يعاني اليمن من نقص في جميع السلع الأساسية وأكثر من 6 ملايين يمني يقفون على حافة المجاعة.
تهدف ورقة السياسات هذه والتي أعدها مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية بالشراكة مع مؤسسة فريدريش ايبرت إلى التعريف بالوضع الاقتصادي الحالي في اليمن في إطار السياق الاقتصادي العام للبلد، وتتطرق لتأثير الحرب الأهلية الدائرة والتدخل العسكري بقيادة السعودية على هذا الاقتصاد ومن ثم تضع توصيات للسياسات العامة التي يمكن لصناع القرار اتخاذها لحماية الاقتصاد اليمني من التفكك ومواجهة المجاعة الوشيكة.
السياق الاقتصادي والصراع الحالي:
يقطن حوالي 70% من سكان اليمن (26 مليون نسمة تقريبا) في المناطق الريفية، وبالرغم من أن الزراعة والرعي في السنوات الأخيرة كانت تساهم بأقل من 10% من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أنها تعتبر مصدرا لكسب العيش لنصف السكان . كما تعتبر المناطق الريفية وكذلك الإنتاج الزراعي في اليمن بشكل عام غير متطور ويستخدم الطرق والأدوات التقليدية، وكان الاستثمار فيه سواء من القطاع العام أو القطاع الخاص في عام 2012 محدود جداً حيث وصل إجمالي الإنفاق العام في المناطق الريفية إلى %4.8 من الناتج الإجمالي المحلي. بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك بعض العوائق للتنمية في العقود الأخيرة، منها التمردات المحلية والنزاعات الداخلية وغياب الأمن وسلطة القانون في أنحاء البلد وكذلك الفساد المستشري في كل مستويات الدولة (في العام 2014، كانت اليمن في المرتبة الـ 161 من ضمن 175 دولة بحسب مؤشر الفساد لمنظمة الشفافية الدولية ). وقد أظهرت الدراسات بأن معظم المناطق الريفية ليست متصلة بشبكة الكهرباء الوطنية، وحوالي 13 مليون نسمة من قاطني المناطق الريفية لا يحصلون على مياه صالحة للشرب.
كل هذه الأسباب أدت إلى النزوح الداخلي من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية خاصة في السنوات الأخيرة، حيث ارتفعت نسبة عدد السكان في المناطق الحضرية بمعدل سنوي 4.8% ما بين 2010 و2015م ، مما عزز الحاجة إلى بذل جهد أكبر في توفير الخدمات العامة مثل الماء و الكهرباء في المدن.(ولكن هذا النزوح تغير عكسيا منذ بدء التدخل العسكري للتحالف العربي وانطلاق حملة القصف على المدن و الاشتباكات على الميدان، حيث أدى إلى نزوح أكثر من 2 مليون مواطن من المدن إلى القرى والمناطق الريفية والتي تفتقد للخدمات التي كانت أصلا نادرة فيها قبل مارس 2015).
وبالرغم من أن النظام التعليمي في اليمن شهد تحسنا ضئيلا في العقد السابق من الجانب الكمي، إلا انه مازال ركيكا للغاية، حيث يصل معدل الأمية في اليمن إلى 35% من الذكور و69% من الإناث. كما أن التعليم العالي بشكل عام ومن الناحية المالية هو ترف لا يملكه أغلب اليمنيين، فإلى ما قبل الحرب، كان هناك نموا ولو بشكل ضئيل للطبقة المتوسطة والطبقة العليا في المجتمع التي تستطيع الانضمام للجامعات: حوالي 265،000 طالب يمني التحق بالدراسات الجامعية في العام 2010 . بالرغم من أن هذا المؤشر يعد إيجابيا، إلا أن نظام التعليم العالي مليء بالاختلالات. كما ساعدت الشروط السهلة على انتشار العديد من الجامعات الخاصة – 18 جامعة خاصة عاملة في 2014 –، لكن الكثير من المختصين يشككون بجودة التعليم في هذه الجامعات ومن مدى فعاليتها. نتيجة لذلك، فإن خريجي هذه الجامعات الخاصة والجامعات ال 9 الحكومية مجرد أعداد تتناقض مع احتياجات سوق العمل، حيث وصل معدل البطالة في العام 2014 إلى 30% تقريبا، وتعتبر اليمن من أعلى الدول في مستوى نمو السكان. كما تسببت ندرة الفرص الوظيفية في اليمن في بحث المواطنين عن وظائف خارج البلاد (أكثر من 2 مليون يمني يعمل في المملكة العربية السعودية).
كما يعتبر القطاع الحكومي مترهلا، وسياسة التوظيف فيه مسيسة بشكل كبير. وأما إذا ما تم تقييمه كقطاع يخدم المواطن، فهو يمثل (بنفس القدر إن لم يكن أكثر) عربة لشبكات المحسوبية والزبائنية.
كان هذا جلياً في العام 2011، حيث ظهرت العديد من الاحتجاجات العامة وتزايدت بسبب البطالة والصعوبات الاقتصادية على مستوى اوسع. حينها أعلن الرئيس – السابق – علي عبدالله صالح في خطاب له عن توظيف 60 ألف مواطن في القطاع العام دون تحديد سبب توظيفهم و ما الذي سيقومون به.
هناك ندرة في الإحصائيات الدقيقة بخصوص عدد الموظفين الحكوميين الوهميين الذين يستلمون مرتبات شهرية -قد تكون أسماء وهمية أو ممن يستلمون مرتبات شهرية بمجرد الحضور للتوقيع. لكن تشير بعض المعلومات إلى أن العدد يصل إلى عشرات الآلاف من الأسماء الوهمية في السلك المدني وحده.
أشارت وزارة الخدمة المدنية في العام 2012 بأن ما يقارب المليون مواطن يستلمون معاشات من مختلف القطاعات الحكومية . ولقد حددت ميزانية اليمن للعام 2014 المقدرة بـ 13.4 مليار دولارا أجور موظفي الدولة بـ 5 مليار دولار أي بحدود 37% من الميزانية (أكبر بند في النفقات الحكومية) بالرغم من أن الأجور لأغلب الموظفين تغطي المعيشة بأبسط متطلباتها فقط. ويعزى ذلك إلى معدل أجور القطاع العام الثابت منذ العقد السابق لدولة تواجه تضخم سنوي بنسبة 11% ما بين 2006 و2014 (بالرغم من أن معدل التضخم الفعلي في ذلك الحين كان يتفاوت من أعلى نسبة بحدود 25% إلى أقل نسبة وهي أقل من 1%)، بينما الريال اليمني كان قد خسر ربع قيمته أمام الدولار الأمريكي في نفس الفترة. وكان متوقعا هبوط الريال اليمني بشكل أكبر، لولا تدخلات البنك المركزي اليمني وتكبده خسائر كبيرة.
يعتبر اعتماد الحكومة على العائدات الهيدروكربونية (النفط ومشتقاته) للحفاظ على احتياطياتها من الدولار الأمريكي من التهديدات المرتفعة على العملة اليمنية، إلى جانب عدم التنوع في الاستثمار الاقتصادي، وقد أدى ذلك إلى تعرض الاقتصاد للمخاطر من الداخل والخارج. وفي الربع الأول من العام 2009م هبطت عائدات اليمن من صادرات النفط بنسبة 75% وذلك نتيجة للأزمة المالية العالمية في العام 2008م وكذلك بسبب عدم التوسع الاستثماري في قطاع توليد الطاقة. كما أن الحكومة لم تتخذ أي خطوات فعالة لإعادة التوازن في الدخل، وفي العام 2011م تعرض قطاع توليد الطاقة للمخاطر وذلك من خلال تعرض أنابيب النفط للتخريب بشكل متكرر مما أجبر الحكومة على السحب من احتياطي العملة الأجنبية لتغطية تكاليف استيراد النفط لتلبية احتياجات السوق المحلي.
حدثت هذه الاعمال التخريبية لأنابيب النفط بالتزامن مع انتفاضة 2011 والتي استمرت لحوالي العام والتي كانت قد ساعدت (ضمن عوامل كثيرة أخرى) على عرقلة النشاط الاقتصادي، حيث انكمش الإنتاج المحلي الإجمالي بمعدل 13% تقريبا. وبسبب ضخ المملكة العربية السعودية مبالغا نقدية ووقودا بحدود 3 مليار دولار العام 2012، بدأ الناتج المحلي الاجمالي اليمني بالتحسن في العام 2013 وأحدث نموا بمعدل 4.8% وبمجمل نشاط اقتصادي يصل إلى 36 مليار دولار . وبالرغم من هذا النمو الملموس، إلا أن دعم المشتقات النفطية وأجور القطاع العام في 2013 (تمثل حوالي نصف نفقات الدولة) أدى إلى عجز الميزانية بنسبة 8% من الناتج المحلي الإجمالي وإستنزاف مليار دولار من الاحتياطي الأجنبي . وفي سبتمبر 2014 سيطر المتمردون الحوثيون على العاصمة صنعاء بتيسير من القوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح مما ساعد على انخفاض النمو الاقتصادي المتوقع بنسبة 2%.
كان استيلاء الحوثيين على العاصمة صنعاء (في بعض جوانبه) ناتجا عن مشكلة اقتصادية. فدعم المشتقات النفطية كان يستحوذ على ثاني أكبر بند من ميزانية الدولة (والبند الأكثر جدلا) والذي قدر في العام 2012 بحوالي ثلثي إيرادات الدولة من صادراتها النفطية، وبناء على توصيات صندوق النقد الدولي في يوليو 2014 بالحد من النفقات العامة، أعلنت إدارة الرئيس عبدربه منصور هادي بأنها سترفع أغلب الدعم عن المشتقات النفطية، كان من المتوقع رفع سعر النفط بحوالي 50%، ولأن عواقب هذا القرار تنعكس على الطبقة الأكثر فقرا ـ كان من المقرر تعويضهم عبر صندوق الضمان الاجتماعي، ولكن في حقيقة الأمر ما جرى هو ارتفاع سعر البترول في ليلة وضحاها، بينما لم يتم الوفاء بالوعود للفقراء.
كانت الحركة الحوثية بقواتها العسكرية قد تجاوزت العاصمة صنعاء وقامت باستغلال هذا الموضوع (رفع الدعم عن مشتقات النفط) من أجل الحصول على تأييد أكبر وكذلك على شرعية من خلال تنظيم المظاهرات ضد ما أسمته بالمظالم الاقتصادية للحكومة ضد الشعب اليمني، وفي سبتمبر 2014 سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء وأجبروا الحكومة على الإعادة الجزئية للمشتقات النفطية.
وفي مفارقة عجيبة، وبعد عام واحد على إعلان حكومة هادي الرفع الجزئي للدعم عن المشتقات النفطية – واجهت اللجنة الثورية العليا (الحاكم الفعلي في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي) إنهيارا اقتصاديا و أصبحت غير قادرة على توفير الإيرادات المطلوبة للدولة، فأعلنت اللجنة عن رفع الدعم عن المشتقات النفطية (أي تحرير أسعارها كليا)، مما جعل أسعار النفط أصبحت مرتبطة بالسعر العالمي.
الأزمة الحالية والمجاعة الوشيكة
يواجه اليمن تهديدات اقتصادية خطيرة والتي قد تؤدي إلى عواقب إنسانية وخيمة، ومن أهم هذه العواقب انتشار المجاعة، خاصة مع استمرار الحصار البري والجوي والبحري الذي يشهده اليمن، حيث يخول قوات التحالف العربي تحت مظلة قرار مجلس الامن 2216 بتفتيش كل السفن القادمة إلى اليمن والتي تقوض آلية الاستيراد للبضائع ووصول المساعدات الإنسانية. علما بأن اليمن يعتمد على الاستيراد للسلع الغذائية بنسبة 90%. وفي ظل الأوضاع الحالية في اليمن وآلية التفتيش للسفن، يطلب المصدرون للسلع إلى اليمن دفع مبالغ مالية مقدمة، وارتفعت أقساط التأمين بشكل ملحوظ بعد قصف التحالف العربي لميناء الحديدة مؤخرا (يعتبر ميناء الحديدة الميناء الرئيسي في اليمن).
أدت كل هذه العوامل إلى ارتفاع كبير في التكاليف على المستوردين، وذلك بدوره رفع في تكاليف النقل الداخلية بشكل ملحوظ بسبب انعدام المشتقات النفطية وأيضا تخوف العاملين على نقل البضائع من أن يكونوا أهدافا للضربات الجوية للتحالف العربي. وفي نهاية المطاف، كل هذه التكاليف تضاف إلى سعر البيع للسلعة والذي يتحملها المستهلك اليمني بالرغم من أن الكثير من المواطنين خسروا وظائفهم ومصادر دخلهم وتلاشت القوة الشرائية مع انهيار الاقتصاد وتوسع كارثة النزوح الداخلي.
مع الأخذ بعين الاعتبار للصراع القائم، هناك صعوبة في الحصول على إحصائيات موثوقة حول الإيرادات والتضخم، ولكن من الواضح أنها خطيرة جداً، فقد أشارت تقارير الأمم المتحدة ما بين مارس – يونيو 2015 إلى ارتفاع أسعار الدقيق وغاز الطبخ بنسبة تصل إلى أكثر من 300% وسعر البترول إلى حدود 1400% في ظل انعدام البترول في 7 محافظات بشكل كامل. وأيضا أوردت تقارير منظمة الأمم المتحدة للغذاء والزراعة وبرنامج الغذاء العالمي تعرض 19 محافظة يمنية لأزمة الغذاء وتعرض 13 مليون مواطن للجوع بشكل يومي. كما أن 6 ملايينن يمني يعيشون على حافة مخاطر المجاعة..
أدى توقف دخل صادرات النفط وتوقف إيرادات الجمارك والضرائب بسبب توقف الأعمال التجارية إلى عدم توفر عائدات للدولة مما أعاق الاستجابة اللازمة لمتطلبات السوق المحلية. كما أنفق البنك المركزي اليمني مليار دولار أمريكي في النصف الأول من العام 2015 وذلك لدعم العملة المحلية مع انخفاض الاحتياطي الأجنبي بحدود 2.8 (مليار دولار منها وديعة سعودية) مليار دولار أمريكي حتى أغسطس 2015. وإضافة إلى إستخدامهم الحصار كتكتيك حربي في بعض المدن – على وجه التحديد مدينة تعز – سّخر الحوثيون أجزاء من عائدات الدولة المتبقية لصالح المجهود الحربي وبعيدا عن دفع الرواتب لموظفي القطاع العام أو توفير الخدمات العامة. على سبيل المثال، لم تعد تقدم المستشفيات في صنعاء العديد من الخدمات الصحية الأساسية مثل غسيل الكلى وذلك بسبب النقص في التمويل والأدوية والانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي. كما اتُهم الحوثيون بالاستيلاء على مبلغ 100 مليون دولار من خزائن البنك المركزي اليمني..
لقد أدى النزاع والنقص الحاد في المشتقات النفطية إلى ازدهار كافة أنواع السوق السوداء من الدولار إلى الوقود إلى الأسلحة، وفي خضم ذلك، مثلت رواتب المقاتلين التي تدفعها كل أطراف النزاع بمثابة حل للبطالة المستشرية للقادرين على القتال، الذين وجدوا في الحرب وسيلة لمنع أسرهم من الموت نتيجة الفاقة الحادة.
الاستجابة الضرورية العاجلة:
إن المفتاح لتحسين الاوضاع في اليمن هو تأمين اتفاق سلام دائم يمكن عبره تعبيد الطريق نحو نهاية للعنف الذي يقوض البلاد. علاوة على ذلك، وبما أن اليمن على حافة الإفلاس والمجاعة، يتوجب على الجهات الفاعلة المحلية والإقليمية والدولية اتخاذ خطوات عملية من أجل تجنيب اليمن أسوأ السيناريوهات، أو على الأقل تخفيف الكارثة التي تلوح في الأفق. يجب الادراك بأن الدمار الذي أحدثته الحرب، قد وصل إلى درجة غير قابلة للإصلاح، سواء كان الحديث عن الاعداد المتزايدة لضحايا الحرب او حتى تلك الاضرار الناتجة عن الحصار وتدمير جزء كبير من بنية اليمن التحتية.
على المملكة العربية السعودية ودول التحالف توسيع وتسريع عملية إدخال المساعدات الإنسانية إلى اليمن وبالأخص المساعدات الطبية من أجل إتاحة المجال للمستشفيات والمراكز الصحية لإعادة خدماتها الاساسية.
على المجتمع الدولي وضع نهاية لقبضة التحالف القوية على الموانئ اليمنية. كما يجل عليه تسهيل استئناف التجارة الخارجية كاستيراد الوقود والسلع الأساسية وذلك من خلال المرور عبر حصار التحالف دون التأخير الغير مبرر والمسبب لتكاليف إضافية باهضة، مع ضمان عدم تعرض شبكات التوزيع لهذه السلع للضربات الجوية لقوات التحالف. (يجدر التنويه ان المملكة العربية السعودية هي من أهم أسواق التصدير للمنتجات الزراعية اليمنية، ولذا على المملكة السماح باستئناف التجارة في هذه المناطق).
على دول التحالف السماح للبنوك التجارية اليمنية بتحويل ما لديها من فائض العملة السعودية إلى خارج اليمن لاستبدالها بالدولار الأمريكي لتغطية احتياج السوق المحلي من الدولار الأمريكي وكذلك السماح بتسهيل إستئناف التحويلات المالية من اليمنيين المغتربين في الخارج.
على اللجنة الثورية العليا التوقف عن استغلال عائدات الدولة ومواردها لتمويل حملة الحوثيين العسكرية. عوضا عن ذلك، يجب إعادة هذه الموارد لتوفير الخدمات الأساسية وكذلك الاستئناف – ولو الجزئي- لدعم المشتقات النفطية حتى يتم إعادة تشكيل شبكات توزيع السلع الأساسية. يجب على البنك المركزي اليمني المحافظة على استقلاليته عن أطراف النزاع، وحتى هذه اللحظة استطاع البنك المركزي اليمني الحفاظ على حد كبير من الاستقلالية بعيدا عن النزاع وقد ساعد ذلك على حظوته بثقة القطاع المالي، ويجب الاستمرار في ذلك النهج من أجل إعداد السياسات المالية بعيدا عن الضغوطات للعمل على تمويل عجز ميزانية الدولة، وفي الوقت ذاته على الفاعلين الدوليين توفير الموارد المالية اللازمة للسماح للبنك المركزي اليمني بالعمل على استقرار قيمة الريال اليمني وكذلك توفير الدولار للسوق المحلي (ارتفع الدولار أمام الريال اليمني بنسبة 25% بين يونيو و أكتوبر 2015) لتسهيل عملية استيراد المشتقات النفطية والسلع الأساسية.
تظل الخطوات المذكورة أعلاه – على المدى القريب- مجرد إجراءات لسد الفجوة وقد تساعد في المحافظة على الاقتصاد اليمني من الانهيار الكلي وتجنيب اليمنيين مجاعة شاملة. طالما وأن الحرب مستمرة، فإن هذه التوصيات مجرد خيارات قد تساعد على تجنب حدوث ماهو أسوأ. إنما ما يتطلبه الاقتصاد اليمني عقب الحرب، هو الإصلاح الكلي. وهو أمر سيحتاج بالضرورة إلى الدعم والالتزام الدولي الحقيقي، وعلى الأخص دعم الدول الخليجية.