يخوض الجيش اليمني حاليا معارك شرسة ضد تنظيم القاعدة في جنوب البلاد ، ضمن معركة مفتوحة يخوضها عموم اليمنيين منذ فترة طويلة ضد تنظيم القاعدة ودفعوا ثمنها غاليا في عدن وأبين والعرضي والسبعين ، الخ.
المعركة مع القاعدة ليست معركة حدود ، بحيث يمكن لليمنيين التفاوض معها لانها ستقبل بمبادئ المواطنة والعدالة واحترام حياة الإنسان. عوضا عن ذلك هي معركة وجود ، إما اليمنيين أو هذا التنظيم الذي نشأ وتطور خارجيا قبل أن يستغل ضيافة اليمنيين و “رخوة” الدولة ليتغلغل داخل مناطقهم ويقطف زهرات شبابهم ويرمل نساءهم ويقض مضاجعهم ويدمر اقتصادهم.

من يتردد – من حيث المبدأ- في مواجهة القاعدة وإعلان موقفا منها ويفرمل الاصطفافات الوطنية بعد كل مأساة تسببها القاعدة عبر الدعوة إلى التحاور معها ، هو شريك في مجزرة العرضي ومجازرها الأخرى .

من من حق الناس – بل يجب عليهم- القلق على حياة الجنود والتأكد من جاهزية وتأهب الجيش اللازمة لخوض المعركة. لكن الموقف الخجول أو اللاموقف من القاعدة ، هو أسوأ من القاعدة ,ومع كل عيوب الرئيس هادي في الأداء السياسي وغيره والحماقة المنطقية المتعلقة باعتقاده أن الطائرات كفيلة بالقضاء على القاعدة ، إلا أنه يقف وحيدا في مواجهة القاعدة – سواء كانت الرغبة في مواجهة القاعدة داخلية أم خارجية فالقاعدة بالاخير تقتل اليمنيين – وتقف كل الجماعات السياسية في حالة المتفرج والحياد في المعركة مع القاعدة مقابل عدم ترددها في إعلان رغبتها في أن يخوض الجيش المعركة ضد عموم اليمنيين أو بعضه البعض.

هذا ليس نصا في مديح الحرب ، لكن هناك ثمنا قاسيا ومتزايدا دفعناه ولا نزال ندفعه لأن القاعدة ترى في العرضي والسبعين “أمريكا الكافرة”.

الثمن الطبيعي الثاني ل (مرفالة) القاعدة بالأرواح اليمنية هو غياب التنمية والأمن والمدارس والمستشفيات وأكثر من ذلك الإتيان بالطائرات من دون طيار الأمريكية لتقتل المدنيين الذين لم تقتلهم القاعدة بيدها.

تبرير القاعدة لمجزرة العرضي وغيرها من الجرائم التي ارتكبتها بحق اليمنيين ، هو تبرير سخيف وبجح ووقح وكاذب, لأن من غير المعقول أن كل هذه الأماكن والجنود والضباط تعمل لصالح الطائرات من دون طيار.

وثانيا ، فليبحث أحدهم حتى في جوجل ليعرف أن إجراءات أمريكا الأمنية ليست غبية إلى درجة أن تنشئ غرف للطائرات في هذه الأماكن.
والأدهى من ذلك أن أمريكا أصلا حينما تقتل اليمنيين استخدمت في الاغلب الضربات الموقعة وهي ضربات لا تعتمد على معلومات واستخبارات وإنما على” سلوك مشبوه” ، لذا فهي لا تحتاج أصلا إلى تنسيق في صنعاء لتقوم بهذه الضربات التي وازت أخطاؤها جرائم القاعدة في قتل المدنيين.

علاوة على ذلك ، وعلى صعيد عملي ، فعلينا أن نتساءل من أتى بهذه الطائرات إلى اليمن؟ أليست القاعدة هي من قام بذلك باختيارها الاختباء وراء اليمنيين وتدمير حياتهم ومن ثم إيكال الدمار الذي لم تقم به إلى هذه الطائرات؟ من يمتلك سم مربع عقل في مخه ، لا يمكن أن يقبل بهذا التبرير الرديء والملغم والكاذب من قبل القاعدة.

نعلم أن لدينا جيش منقسم ، وحكومة فاسدة ، ورئيس مزاجي ، وأسلحة منتشرة ، ولكن كل ذلك لا يعطي أي مبرر لعدم اتخاذ موقف عملي وعسكري وشعبي وسياسي حاد من القاعدة .

كما ان وسخ الحكومة والسياسيين ، لا يبرر قبح وبشاعة القاعدة.

الهروب من الصحراء ، لا يكون إلى الجحيم ,هذه بلدنا ، وإن أرادت مجموعة من المعتوهين الأجانب والمحليين أن يخوضوا معاركهم مع أي أحد ، فليبحثوا عن بلد آخر ، فليذهبوا إلى مكان آخر ، فليذهبوا إلى الجحيم.!

**** الصورة للواء سالم قطن المعروف ب”العم سالم” والذي اغتالته القاعدة في يونيو 2012 في عدن بعد أن قاد المواجهات ضدها في أبين وأجبرها على الانسحاب من المحافظة – المصدر اونلاين

10