يؤدي فرض حظر بحري على كافة السفن في المياه الإقليمية اليمنية إلى تفاقم نقص الوقود الحاد، مما قد يترك تأثيراً مدمراً على الصحة العامة.

فبعد مرور ثلاثة أسابيع من بدء حملة القصف التي تقودها المملكة العربية السعودية ضد المتمردين الحوثيين، ونظراً لاستمرار القتال العنيف على الأرض، يوشك الوقود في البلاد على النفاد.

وقد قامت الحكومة اليمنية في المنفى يوم السبت الماضي بفرض حظر رسمي على السفن – بما في ذلك تلك التي تحمل الوقود والغذاء – لمنعها من دخول المياه الإقليمية للبلاد دون تفتيش مسبق. كما تلقت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها طلباً لفرض الحظر باستخدام سفنهم الحربية.

وفي حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال جوليان هارنيس، ممثل منظمة اليونيسف في اليمن: “لا أعتقد أن الناس يدركون أن قطع إمدادات الديزل والوقود إلى بلد ما سيترتب عليه نتائج كارثية”.

وأشار هارنيس إلى أنه على الرغم من أن الموانئ لا تزال تعمل من الناحية النظرية، “يبدو أنه لا يتم السماح للسفن التجارية بالاقتراب” منها.

من جانبه، قال فارع المسلمي، الباحث الزائر في مركز كارنيغي للشرق الأوسط: “هذا هو حرفياً العقاب الجماعي”.

وأوضح هارنيس أنه تم التخلص بالفعل من آلاف التطعيمات ضد شلل الأطفال والحصبة وغيرها من الأمراض في محافظة لحج الجنوبية بسبب نفاد الوقود الضروري للتبريد.

وأضاف قائلاً: “نحن نتحدث عن آلاف الأشخاص الذين فقدوا فرصة الحصول على اللقاحات” ضد الأمراض التي تهدد الحياة، محذراً من أن احتياطياً أكبر بكثير من اللقاحات في العاصمة صنعاء معرض للخطر أيضاً: “لا زلنا قادرين على الحصول على القليل من وقود الديزل لتشغيل سلسلة التبريد وخدمات المياه [في صنعاء]، ولكننا لسنا متأكدين إلى متى سنتمكن من فعل ذلك”.

وأوضح أنه من دون مزيد من الوقود، ستتوقف المضخات التي تستخدم لضخ إمدادات المياه العامة عن العمل: “يتم ضخ الغالبية العظمى من المياه باستخدام مولدات الديزل. وإذا لم تكن لديك كهرباء أو طاقة، لن يحصل الناس على المياه، وهو ما سيعني أن الناس سيستخدمون مياه سيئة للغاية في النهاية. وسوف تنتشر الأمراض المنقولة عن طريق المياه، مثل الإسهال والكوليرا، وفي نهاية المطاف، سوف يموت الناس من جراء ذلك”.

وفي السياق نفسه، صرحت منظمة العمل ضد الجوع، وهي منظمة غير حكومية دولية، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) الأسبوع الماضي بأن موظفيها لم يتمكنوا من الوصول إلى المحتاجين لأن البنزين نفد من سياراتهم.

وأبلغ أحد مسؤولي وزارة الطاقة، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأنه لا يُسمح له بالتحدث إلى وسائل الإعلام، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) عن حدوث سرقات واسعة النطاق للبنزين من قبل بعض المسؤولين في الأسابيع الاخيرة.

وحذر المسلمي من أن هذه القيود تؤدي إلى وفيات غير ضرورية وأن “بعض الناس في المستشفيات ماتوا بالفعل بسبب عدم وجود [الكهرباء] اللازمة لمساعدتهم،” مضيفاً أنه “لا يهم إذا كان لديك مال أم لا، فلا يوجد وقود على الإطلاق، والأطفال يلعبون كرة القدم على الطرق السريعة لأنه لم تعد هناك سيارات”.

وفي صنعاء، يعيش الآلاف من الناس بدون كهرباء في منازلهم.

وقال حسين النعيمي، وهو مدير يبلغ من العمر 43 عاماً: “نحن مصدومون حقاً. لا يوجد لدينا كهرباء منذ ثلاثة أيام، ولا يوجد وقود منذ أسبوعين، ولا ماء، والآن بدأت أزمة نقص الغاز”.

وأضاف أن أسعار المياه تضاعفت أكثر من ثلاث مرات، من 13 إلى 43 دولاراً مقابل ملئ خزان واحد – أي ما يعادل ربع راتبه الشهري.

وتوفر بعض المساجد المحلية المياه، حيث يصطف الأطفال لساعات للحصول على 10 أو 20 لتراً.

وقال محمد المحويتي: “ليس لدينا مال لشراء ما يكفي لملء خزان مياه، وبالتالي فإن الحل الوحيد هو إرسال أطفالنا لجلب الماء لنا من المساجد”.

وقال محاسب يبلغ من العمر 31 عاماً ويُدعى عبد الله محمد: “إننا نعيش في ظلام دامس منذ ثلاثة أيام، وليس لدينا مياه للشرب أو الغسيل. هذا ضرب من الجنون”.

وفي تعليق على هذه القضية، أفاد رياض ياسين القائم بأعمال وزير الخارجية أن السفن التي تحمل مساعدات الإغاثة أو الغذاء أو الدواء سوف يُسمح لها أن ترسو وتفرغ شحنتها بعد تفتيشها.

ولم يتضح على الفور عدد السفن، إن وجدت، التي رست منذ إعلان الحظر.

وقالت بيمكو، أكبر شركة شحن في العالم، أنها تفهم أنه يجري تفتيش جميع السفن المتجهة إلى اليمن في عرض البحر، وأن هناك خمس سفن محملة بالحبوب حالياً ترسو قبالة سواحل مدينة عدن في انتظار التفتيش.

وقال جايلز نوكس، الرئيس التنفيذي للأمن في الشركة أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت السفن ستتمكن من تفريغ حمولتها في نهاية المطاف لأن “الأمر الواقع ليس مؤكداً”.

وأضاف أنه “من الواضح أن الوضع يزداد صعوبة بشكل كبير، الأمر الذي قد يجعل الذهاب إلى الموانئ اليمنية أكثر خطورة بشكل ملحوظ”.

وتجدر الإشارة إلى أن اليمن يستورد أكثر من 90 بالمائة من الغذاء، وأن الاضطرابات السياسية جعلت البلاد تعتمد على واردات الوقود بشكل متزايد في السنوات الأخيرة.

وقد حذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة من نقص الغذاء لأن الصراع يعطل زراعة المحاصيل.

نشر هذا المقال في إيرين